ظاهره الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی

اشارة

رقم الإیداع فی دار الکتب والوثائق ببغداد لسنة 2013 : 2316

الرقم الدولی: 9789933489779

الحسنی ، نبیل، 1965 _____     م.

ظاهرة الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی: حدیث سد الأبواب أنموذجاً / دراسة تحلیلیة وتحقیق نبیل الحسنی. - کربلاء: العتب_ة الحسینیة المقدس____ة. قسم الشؤون الفکریة والثقافیة، 1435ق. = 2014م.

 144ص. ___ (قسم الشؤون الفکریة والثقافیة فی العتبة الحسینیة المقدسة؛ 127).

المصادر: ص 119 - 133؛ وکذل فی الحاشیة.

1. أحادیث مقلوبة. 2. الأحادیث الخاصة (سد الأبواب). 3 . أحادیث مقلوبة – دراسة وتحقیق. 4 . الأحادیث الموضوعة – الرواة – جرح وتعدیل. 5 . محمد بن عبد الله (ص)، نبی الإسلام، 53 ق . ه_ - 11 ق. – تعقیب وإیذاء . 6 . أحادیث الشیعة – دفع مطاعن. ألف. السلسلة. ب . العنوان

BP  136.72  .H3767  2013

BP  111.6  .H3767  2013

تمت الفهرسة فی مکتبة العتبة الحسینیة المقدسة قبل النشر

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ظاهرة الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی

حدیث سد الأبواب أنموذجاً

دراسةُ وتحلیلُ وتحقیقُ

السید نبیل الحسنی

إصدار

 شعبة الدراسات والبحوث الاسلامیة

 فی قسم الشؤون الفکریة والثقافیة

 فی العتبة الحسینیة المقدسة

ص: 4

جمیع الحقوق محفوظة

للعتبة الحسینیة المقدسة

الطبعة الأولی

1435ه_ - 2014م

العراق: کربلاء المقدسة - العتبة الحسینیة المقدسة

قسم الشؤون الفکریة والثقافیة - هاتف: 326499

Web: www.imamhussain-lib.com

E-mail: info@imamhussain-lib.com

ص: 5

الإهداء

یا أیّها الحبیب جئناک ببضاعتنا وقد مسنا الضر فامنن علینا من فضلک إنک بالمؤمنین رؤوف رحیم.

خادمکم وولدکم نبیل

ص: 6

ص: 7

مقدمة الکتاب

«الحمد لله علی ما أنعم، والشکر بما ألهم، والثناء بما قدم، من عموم نعم ابتدأها، وسبوغ آلاء أسداها، وتمام منن أولاها، جم عن الإحصاء عددها، ونأی عن الجزاء أمدها، وتفاوت عن الإدراک أبدها»(1).

والصلاة والسلام علی خیر الأنام وعلی آله الهداة إلی الإسلام.

وبعد:

لم یزل النص التاریخی هو المادة التی تغذی مراحل النمو الحیاتی للمجتمعات وبناء المنظومات الفکریة للحضارة الإنسانیة منذ أن عرفت الإنسانیة أهمیة المعلومة؛ ومن ثم احتاجت إلی تدوینها أو روایتها بحسب صدورها الزمانی والمکانی والشخصی فکانت بذاک قد حرصت علی النص التاریخی وأدرکت خطورته فی عنصری البناء والهدم والصلاح والفساد.

إذ لولا هذا النص الذی أرخ معه الزمان والمکان والحدث والأشخاص


1- هذا ما ابتدأت به بضعة المصطفی فاطمة المرضیة خطبتها الاحتجاجیة التی ألقتها فی مسجد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فی جمع من المهاجرین والأنصار، (الاحتجاج للطبرسی: ج1، ص123).

ص: 8

والأقوال لما عرفت البشریة صنّاع الحیاة من هدامها، ولما عرفت علماءها من جهالها، ولا صلحاءها من فسادها.

ولذا:

حرص أرباب السلطات فی کل زمان ومکان علی صیاغة النص التاریخی وبذل کل الإمکانیات فی حصره فیما یتناسب مع مقتضیات السلطة ومحاربة ما یعارضها من النصوص فأرهب النص التاریخی فی فم القائل به، وقتل فی صدر راویه، وأجهض فی رحم الحدث کی یتحقق للسلطات مرادها فی ولادة نص جدید یترعرع فی کنف المصالح الشخصیة وینمو علی موائد الأهواء النفسیة لیغدو فی النهایة واقعاً حیاتیاً یحیا علیه الناس جیلاً بعد جیل ومعطی فکریاً تترسم معه الهویة الثقافیة للفرد.

من هنا:

ومن خلال کثیر من الشواهد التی تنقل صورة حقیقیة عن واقع النص التاریخی وآلیة التعامل معه لاسیما النص الإسلامی المؤرخ ببعث رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إلی الناس أجمعین لیکون مادة التاریخ للمسلمین وغیرهم ممن أراد معرفة الإسلام وجدنا أن هذا النص قد تعرض بفعل طلبات السلطة إلی القلب أو الاقلاب لما وقع زماناً ومکاناً وقولاً وفعلاً وأدوات حتی أصبح الشاهد لما تم تاریخه أو أرخ عرضة للملاحقة والمحاسبة والمحاربة والتهجیر أو التشهیر کی یصبح الشاهد غریباً عن الحدث وذائباً مع سیول السلطة التی کتبت نصوصاً لا تنفع إلا بقاءها فی محل تسلطها فکان الاستقلاب فی کثیر من النصوص.

ص: 9

بمعنی: إن النص التاریخی مرهون بین الشاهد للحدث والراوی له فإن کان الشاهد مأموراً فی قلب النص فیسعی لروایته ونقله بفعل هذا الطلب والأمر السلطوی بغیر واقعه فیقلب القاتل مقتولاً والظالم مظلوما فیصبح حینها هذا النص وبفعل هذه الأوامر السلطویة مستقلباً وهی ظاهرة تکشف عن المرارة لما تعرض له النص التاریخی الإسلامی فضلاً عن کونه السبب المباشر فی تفرق هذه الأمة إلی ثلاث وسبعین فرقة کلها هالکة یوم القیامة إلاّ فرقة واحدة.

هذه الدراسة تهدف إلی إثبات هذه الظاهرة التی کانت أحد أهم الأسباب فی بناء مدارس فقهیة وعقائدیة وذلک لما تعرضت له النصوص من مغایرة للواقع بطلب من السلطات سواء کانت شخصیة أو سیاسیة أو دینیة کانت الفتیا فیها اللاعب الأساس؛ وهذا أولاً.

ثانیاً: تحریک الوعی المعرفی سواء علی مستوی الفرد المسلم أو علی مستوی الجماعة.

ثالثاً: ضرورة البحث فی جمیع جزئیات النص التاریخی بشکل عام وتمحیصه وإعادة کتابته لغرض بناء منظومة فکریة جدیدة متجذرة فی أرض الواقع الذی شهد الحدث سواء علی هیأة القول أو الفعل لاسیما فیما یختص بحیاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وما تبعها من مراحل قیام الإسلام.

ومما لا شک فیه أن هذا العمل عسیر جداً إن لم یکن لدی البعض من المحال؛ وذلک لما یرتبط بهذا العمل من حیثیات کثیرة فضلاً عما رسخ فی أذهان الناس من ترسبات وموروثات یقاتل من أجلها الوارثون ولعل من بین هذه

ص: 10

الموروثات هو عنوان هذه الدراسة، وذلک أن أصل المصطلح جدید فی أروقة اللغة والأدب والفکر فهو مخالف لهذا الموروث الفکری.

أما لماذا تم اختیار حادثة سد الأبواب أنموذجاً لظاهرة الاستقلاب فذلک لکونها الحادثة التی تکررت فی الوقوع مرتین، فکانت الأولی فی بناء المسجد، وکانت الأخری فی آخر حیاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فاستقلب الحدث بطلب من الساسة، وأدمج فی الوقوع الزمانی وأبعد أمیر المؤمنین علیُّ علیه السلام منه وقدم أبو بکر لیتم بناء أساس عقدی مرتکز علی هذه الحادثة المستقبلیة بأموال السلطة.

ونحن بإذن الله تعالی نعید المشهد إلی واقعه الحقیقی وترمیم ما أتلفه الرواة بطلب من الساسة والأهواء والمصالح وغیرها.

((...وَمَا تَوْفِیقِی إِلاّ بِاللَّهِ عَلَیْهِ تَوَکَّلْتُ وَإِلَیْهِ أُنِیبُ))(1).

السید نبیل بن السید قدوری بن السید حسن بن السید علوان الحسنی - من حرم سید الشهداء علیه السلام - کربلاء المقدسة - 16/4/2013.


1- سورة هود، الآیة: 88.

ص: 11

المبحث الأول: تقعید مصطلح الاستقلاب

اشارة

ص: 12

ص: 13

إن الرجوع إلی کتب المفسرین والفقهاء والأصولیین واللغویین لمعرفة مفهوم مصطلح الاستقلاب یفید بأن هذا اللفظ (الاستقلاب) أصله الاستفعال وهو طلب الفعل.

وللوقوف علی هذه الأقوال والخروج بمفهوم الاستقلاب ودلالته وبیان حقیقة ثبوته فی الواقع الحیاتی لاسیما فی النص التاریخی نعرّج أولاً إلی ما ورد فی القرآن الکریم من صیغة الاستفعال.

المسألة الأولی: صیغة الاستفعال فی القرآن الکریم ودلالته الالتزامیة للاستقلاب

إنّ صیغة الاستفعال قد جاءت فی آیات عدیدة فی محکم التنزیل وقد أفادت کلها علی معنی واحد وهو طلب الفعل؛ فکانت کالآتی:

1 - قال الله تعالی:

((مَثَلُهُمْ کَمَثَلِ الَّذِی اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَ تْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَکَهُمْ فِی ظُلُمَاتٍ لا یُبْصِرُونَ))(1).


1- سورة البقرة، الآیة: 17.

ص: 14

وقد ورد عن الشیخ الطوسی (المتوفی سنة 460 ه_) فی بیان معنی استوقد فقال:

(معناه: أوقد ناراً کما یقال استجاب بمعنی أجاب؛ الوقود: الحطب والوقود: مصدر وقدت النار وقودا، والاستیقاد: طلب الوقود)(1).

2 - قال تعالی:

((یَسْتَفْتُونَکَ قُلِ اللَّهُ یُفْتِیکُمْ فِی الْکَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَکَ لَیْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَکَ وَهُوَ یَرِثُهَا إِنْ لَمْ یَکُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ کَانَتَا اثْنَتَیْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَکَ وَإِنْ کَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَیَیْنِ یُبَیِّنُ اللَّهُ لَکُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِکُلِّ شَیْءٍ عَلِیمٌ))(2).

قال الشیخ الطوسی: (الاستفتاء، السؤال عن الحکم، وهو استفعال من الفتیا، ویقال: أفتی فی المسألة إذا بیّن حکمها فتوی وفتیا)(3).

3 - وقال تعالی:

((فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ))(4).

والاستعاذة: طلب المعاذ، استفعال من العوذ والعیاذ(5).


1- التبیان فی تفسیر القرآن: ج1، ص86.
2- سورة النساء، الآیة: 176.
3- مجمع البیان للطبرسی: ج3، ص25.
4- سورة النحل، الآیة: 98.
5- مجمع البیان: ج6، ص196.

ص: 15

4 - قال تعالی:

((...وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِکُمْ فِسْقٌ...)) (1).

قال الشیخ الطوسی: (الإستقسام، الاستفعال من قسمت أمری أی قلبته ودبرته، قال الراعی:

وترکت قومی یقسمون أمورهم

إلیک أم یتلبثون قلیلاً(2)

5 - قال تعالی:

((حَتَّی إِذَا اسْتَیْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ کُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا...)) (3).

قال العلامة الطباطبائی: (إن یأس واستیأس بمعنی ولا یبعد أن یقال إن الاستیئاس هو الاقتراب من الیأس بظهور آثاره لمکان هیأة الاستفعال وهو مما یعد یأسا عرفا ولیس بالیأس القاطع حقیقة)(4).

6 - قال تعالی:

((...وَیَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِینَ لَمْ یَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَلا هُمْ یَحْزَنُونَ))(5).

قال الفخر الرازی:


1- سورة المائدة، الآیة: 3.
2- التبیان فی تفسیر القرآن للشیخ الطوسی: ج3، ص433.
3- سورة یوسف، الآیة: 110.
4- تفسیر المیزان: ج11، ص279.
5- سورة آل عمران، الآیة: 170.

ص: 16

(الاستبشار السرور الحاصل بالبشارة، وأصل الاستفعال طلب الفعل، فالمستبشر بمنزلة من طلب السرور فوجده بالبشارة)(1).

7 - قال تعالی:

((وَآتُوا الْیَتَامَی أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِیثَ بِالطَّیِّبِ وَلا تَأکُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَی أَمْوَالِکُمْ إِنَّهُ کَانَ حُوبًا کَبِیرًا))(2).

قال الزمخشری: (ولا تستبدلوا الأمر الخبیث وهو اختزال أموال الیتامی، فالأمر الطیب وهو حفظها والتورع منها؛ والتفعل بمعنی الاستفعال، غیر عزیز منه التعجل بمعنی الاستعجال، والتأخر بمعنی الاستئخار، قال ذو الرمة:

فیا کرم السکن الذین تحملوا

عن الدار والمستخلف المتبدل)(3)

8 - قال تعالی:

((وَلِکُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا یَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا یَسْتَقْدِمُونَ))(4).

قال أبو السعود:

(لا یستأخرون عن ذلک الأجل ساعة، أی شیئاً قلیلاً من الزمان فإنها مثل فی غایة القلة منه، أی لا یستأخرون أصلاً، وصیغة الاستفعال للإشعار فی عجزهم


1- تفسیر الرازی: ج9، ص95.
2- سورة النساء، الآیة: 2.
3- الکشاف: ج1، ص495.
4- سورة الأعراف، الآیة: 33.

ص: 17

وحرمانهم عن ذلک مع طلبهم له)(1).

9 - قال تعالی:

((فَلَمَّا اسْتَیْئَسُوا مِنْهُ...))(2).

قال أبو سعود:

(أی یئسوا من یوسف وإجابته لهم أشد یأس بدلالة صیغة الاستفعال، وإنما حصلت لهم هذه المرتبة من الیأس لما شاهدوه من عوذه بالله مما طلبوه الدال علی کون ذلک عنده فی أقصی مراتب الکراهة وأنه مما یجب أن یحترز منه ویعاذ به بالله عزّ وجل ومن تسمیته ظلما بقوله:

((... إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ))(3).

وغیرها من الآیات المبارکة التی وردت فیها صیغة الاستفعال، فضلاً عن ذلک لم یقتصر الأمر علی الآیات المبارکة فقد وردت صیغة الاستفعال فی کثیر من الأحادیث النبویة الشریفة، فکان منها ما ستعرض له فی المسألة الآتیة:

المسألة الثانیة: ورود صیغة الاستفعال فی الحدیث النبوی الشریف

یمکن لنا أخذ بعض الشواهد من الحدیث النبوی الشریف للاستدلال علی ورود صیغة الاستفعال فی هذه الأحادیث والتی تنص جمیعها علی طلب الفعل، فکان منها:


1- تفسیر أبی السعود: ج3، ص225.
2- سورة یوسف، الآیة: 80.
3- سورة یوسف، الآیة: 79.

ص: 18

1 - روی أحمد فی المسند عن ابن مدرک قال: سمعت أبا زرعة یحدث عن جریر وهو جده عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم قال فی حجة الوداع: (یا جریر استنصت الناس)(1).

قال العینی: (أمر من الاستنصات، استفعال من الانصات، أی: طلب السکوت)(2).

2 - روی أحمد عن عمار بن یاسر (علیه الرحمة والرضوان) أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال:

«إن من الفطرة المضمضة، والاستنشاق، وقص الشارب، والسواک، وتقلیم الأظافر، وغسل البراجم، ونتف الإبط، والاستعداد؛ والاختتان، والانتضاح».

قال ابن سلام: (إنّ أصل الاستحداد، والله العالم، إنما هو الاستفعال من الحدید، یعنی الاستحلاق بها، وذلک عن القوم لم یکونوا یعرفون النورة)(3).

3 - روی البخاری عن یونس بن جبیر، سألت ابن عمر فقال: طلق ابن عمر امرأته وهی حائض فسأل عمر النبی صلی الله علیه وآله وسلم قال:

«مره أن یراجعها ثم یطلق من قبل عدتها».

قلت: أفتعتدّ بتلک التطلیقة؟ قال:

«أرأیت إن عجز واستحمق»(4).


1- مسند أحمد: ج4، ص358.
2- عمدة القاری للعینی: ج2، ص186.
3- غریب الحدیث لابن سلام: ج2، ص37.
4- صحیح البخاری: ج6، ص185.

ص: 19

قال العینی: (استحمق، إشارة إلی أنه تکلف الحمق بما فعله من تطلیق امرأته وهی حائض)(1).

4 - روی البخاری عن أبی هریرة قال: قال رسول الله صلی الله علیه - وآله - وسلم:

«من استلج فی أهله بیمین فهو أعظم إثماً لیبر»(2).

قال العینی:

(قوله من استلج من باب الاستفعال، والسین فیه للتأکید، وذکر ابن الأثیر أنه وقع فی روایة: من استلجج)(3).

5 - روی مسلم عن زید بن خالد الجهنی:

(إن رجلاً سأل رسول الله صلی الله علیه - وآله - وسلم عن اللقطة، فقال رسول الله صلی الله علیه - وآله - وسلم:

«عرفها سنة، ثم اعرف وکاءها وعفاصها، ثم استنفق بها، فإن جاء ربها فأدها إلیه»)(4).

قال العظیم آبادی:

(ثم استنفق بها أی: وإن لم یأت أحد بعد التعریف حولاً، فاستنفقها من


1- عمدة القاری للعینی: ج2، ص228.
2- صحیح البخاری: ج7، ص217.
3- عمدة القاری: ج23، ص167.
4- صحیح مسلم: ج5، ص134.

ص: 20

الاستنفاق وهو استفعال، وباب الاستفعال للطلب، لکن الطلب علی قسمین صریح وتقدیری، وهنا لا یتأتی الصریح فیکون للطلب التقدیری)(1).

فهذه الأحادیث الشریفة تنص علی ورود صیغة الاستفعال فیها وهی کما أسلفنا تفید الطلب، سواء الطلب الصریح أو الطلب التقدیری.

بقی أن نورد فی هذا المبحث بعض الشواهد من أقوال الفقهاء فی أبواب الفقه کی یتضح للقارئ الکریم أن الأصل فی صیغة الاستقلاب هو طلب القلب وأصله الفعل الثلاثی قَلَبَ.

المسألة الثالثة: ورود صیغة الاستفعال فی أقوال الفقهاء

1 - قال الشیخ الطوسی فی الخلاف: (إن لفظ الاستفعال أن یطلب منه الخدمة هذا موضوعها فی اللغة)(2).

2 - قال الشهید الثانی فی الروضة: (إن صیغة الاستفعال موضوعة غالباً للطلب کما یقال: استخرج الماء استوطن البلد، أی طلب خروج الماء، وطلب التوطن فی المدینة)(3).

3 - وقال أیضا: (إن الاستفعال حقیقة فی طلب الفعل فلا یصدق بدون الطلب)(4).


1- عون المعبود للعظیم آبادی: ج5، ص85.
2- الخلاف للطوسی: ج6، ص181؛ الزائر لابن ادریس: ج3، ص56.
3- الروضة البهیة: ج7، ص13.
4- مسالک الإفهام للشهید الثانی: ج11، ص167.

ص: 21

4 - وله أیضاً: (وقع الاستفعال بمعنی الفعل لغة کما فی قوله تعالی:

((... اسْتَوْقَدَ نَارًا...))(1).

بمعنی أوقد)(2).

5 - قال الفخر الرازی: (الاستبشار: السرور الحاصل بالبشارة، وأصل الاستفعال طلب الفعل، فالمستبشر بمنزلة من طلب السرور فوجده بالبشارة).

6 - قال الشیخ المظفر: (الاستصحاب فی أصل اشتقاقها من کلمة الصحبة من باب الاستفعال، فتقول استصحبت هذا الشیء، أی حملته معک وإنما صح إطلاق هذه الکلمة علی هذه القاعدة فی اصطلاح الأصولیین، فبأی اعتبار أن العالم بها یتخذ ما یتقن به سابقاً صحبیا له إلی الزمان اللاحق فی مقام العمل)(3).

7 - قال السید محمد سعید الحکیم فی معنی الاستصحاب: (وینبغی التمهید له بذکر أمور.

أولاً: الاستصحاب لغة استفعال من الصحبة ومن الظاهر مناسبة البقاء والاستمرار الذی هو مفاد الاستصحاب للمادة وهی الصحبة بنحو یصحح إطلاقها فی المقام.

وأما هیأة الاستفعال فهی: ألف: تارة: تفید طلب المادة، کما هو فی الاستغفار، والاستشارة والاسترفاد، والأخری تفید جعلها وتحقیقها خارجاً بوجه،


1- سورة البقرة، الآیة: 17.
2- مسالک الإفهام: ج11، ص267.
3- أصول الفقه للشیخ محمد رضا المظفر: ج4، ص276.

ص: 22

کما فی استعمال الشیء والاستکثار من الخیر.

وثالثة: تفید ادعاءها والحکم بها والبناء علیها کما فی الاستکبار والاستحسان والاستقذار)(1).

8 - قال السید محمد الشیرازی:

(فإن هناک جماعة من اللغویین یقولون بجواز اختراع ألفاظ وکلمات فی اللغة العربیة علی وزن الألفاظ والکلمات الموجودة فیها، کما یقولون بجواز الزیادة والنقیصة فیها علی حسب الزوائد أو النقائص اللغویة الأخری، مثل صرف الباب الثلاثی إلی باب الانفعال، أو التفعیل، أو المفاعلة، أو الاستفعال، وکذلک أبواب الرباعیات ونحوها)(2).

وعلیه: نستدل بما ورد فی القرآن الکریم والحدیث النبوی الشریف وأقوال الفقهاء أن أصل صیغة الاستفعال ترتکز علی إرادة الطلب سواء کان هذا الطلب صریحاً أو تقدیریاً.

وإن أصل مصطلح الاستقلاب نابع من الفعل الثلاثی قَلَبَ وبما أن النص التاریخی قد تعرض ومن خلال الساسة وأرباب السلطة والفتیا والأهواء إلی طلب قلب النص وتغییره عن واقعه الحدثی فقد استقلب هذا النص بفعل تلک الطلبات بقسمیها الصریح والتقدیری.

وهو ما سنعرض له من خلال المبحث القادم.


1- المحکم فی أصول الفقه للسید محمد سعید الحکیم ج5، ص9.
2- فقه العولمة للسید محمد الشیرازی: ص31.

ص: 23

المبحث الثانی: التأسیس لظاهرة الاستقلاب فی النص التاریخی منذ القرن الأول للهجرة

اشارة

ص: 24

ص: 25

المسألة الأولی: ظاهرة الاستقلاب یعرضها القرآن ضمن السنن التاریخیة عند الأمم السابقة

إن أول الشواهد علی ظاهرة الاستقلاب فی النص التاریخی ورد فی القرآن الکریم وذلک أن القرآن قد تناول جانباً کبیراً من حیاة الأمم السابقة لاسیما حیاة الأنبیاء علیهم السلام ومجریات التبلیغ فی تلک الساحات البشریة ابتداءً من آدم علیه السلام وانتهاءً بالمصطفی صلی الله علیه وآله وسلم.

ولو تأملنا فی القرآن الکریم وفیما قدمه من شواهد تاریخیة علی ظاهرة الاستقلاب لدی الأمم السابقة لاحتجنا إلی بحث مستقل یتناول أسباب هذه الظاهرة ودواعی نشوئها وإفرازاتها وتأثیراتها علی سیر التبلیغ الرسالی للأنبیاء علیهم السلام فضلاً عن النتائج التی انتهت بها هذه الأمم فکانت سنة تاریخیة تفضی علی المتأملین والباحثین بخزینها الإرشادی والاجتماعی والسلوکی.

ولعل حوادث وسیرة بنی إسرائیل تکفی لعرض هذا الأنموذج الحیاتی والسلوکی وما نتج عنه من آثار سلوکیة وعقدیة فی مجتمع بنی إسرائیل مما جعله مادة خصبة للبحث الاجتماعی والسلوکی والتاریخی.

وعلیه: یعرض القرآن الکریم أنموذجاً من هذه الظاهرة فی مجتمع بنی

ص: 26

إسرائیل لیرشد إلی أنها ظاهرة متأصلة فی السلوک الإنسانی وهی دائمة بدوام التجاذبات النفسیة والمصالحیة والعقدیة فی کل زمان ومکان.

ولعل قلب الحقائق وتبدیل الأفعال والأقوال هی أکثر ما نشاهده الیوم فی مختلف المجتمعات الإنسانیة وعلی اختلاف معطیاتها الفکریة ومکوناتها الثقافیة إلا أنها لا تنسلخ عن ظاهرة قلب الأمور وتبدیلها بحسب ما ینساق مع رغباتها ومصالحها.

فما یظهره القرآن فی بنی إسرائیل ینطبق فی غیره من المجتمعات الإنسانیة وعلی اختلاف الأزمنة والأمکنة سواء کان هذا التغییر فی الحقائق بطلب تقدیری أو صریح کما ورد فی قوله تعالی:

((وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْیَةَ فَکُلُوا مِنْهَا حَیْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَکُمْ خَطَایَاکُمْ وَسَنَزِیدُ الْمُحْسِنِینَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِینَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَیْرَ الَّذِی قِیلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا کَانُوا یَفْسُقُونَ))(1).

ولا شک أن هذا الفعل الذی أشارت إلیه الآیة المبارکة:

{فَبَدَّلَ الَّذِینَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَیْرَ الَّذِی قِیلَ لَهُمْ}.

لم یکن بدون مرجعیة ضمت تحتها هذه المجموعة، بمعنی: لا یمکن أن یکون هذا التبدیل فی القول عفویاً أو محض صدفة وإنما بطلب من بعض الرموز


1- سورة البقرة، الآیتان: 58 - 59.

ص: 27

التی کانت تسعی لتبدیل سنة الله فی الأرض للتصدّی لنبی الله موسی علیه السلام فتم الطلب من بنی إسرائیل باستبدال کلمة (حطة) إلی کلمة أخری).

بمعنی أدق: ظهور الاستقلاب فی القول من (حطة) إلی (حطا سمقانا)(1)، أی حنطة حمراء، وفی لفظ آخر أخرجه الترمذی أنهم استبدلوا ما أمرهم الله به من (حطة) إلی (حبة فی شعیرة)(2).

واستبدلوا السجود بأن دخلوا علی أستهم متزحّفین علی أوراکهم استهزاءاً بما أمروا به فاستقلبوا الأمر الإلهی وغیروا شریعة الله التی أنزلها علی نبیّه موسی الکلیم علیه السلام.

وأمر هذه الأمة لیس ببعید عن مجریات بنی إسرائیل فقد طلب الساسة وأرباب المصالح وأهل البدع تبدیل الحقائق وقلب الأمور کی یتسنی لهم الحکم والجلوس علی کرسی الإمارة والتسلط علی الناس، وهو ما سنتناوله فی المسائل الآتیة:

المسألة الثانیة: التأسیس لاستقلاب النص فی عهد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فکان مرحلة النمو لهذه الظاهرة

اشارة

إن أول مظاهر استقلاب النص، لاسیما النص النبوی، أی قول رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم کان فی حیاة النبی صلی الله علیه وآله وسلم ضمن سلسلة من الشواهد المتعددة مما یکشف عن رغبة حقیقیة لدی اقلاب المجتمع المسلم بتسییر الأمور بحسب ما یتوافق مع أهدافها ومصالحها، فکان منها:


1- بحار الأنوار للمجلسی: ج13، ص183.
2- أخرجه الترمذی عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فی سننه: ج4، ص273.

ص: 28

أولاً: بریدة الأسلمی یقع فی علی علیه السلام بطلب من خالد بن الولید فی محضر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فکان إستقلاباً لواقع الحادثة

روی الشیخ المفید علیه الرحمة والرضوان فی مجریات غزوة تبوک، قوله:

(وکان أمیر المؤمنین علیٌّ علیه السلام قد اصطفی من السبی جاریة، فبعث خالد بن الولید بریدة الأسلمی إلی النبی صلی الله علیه وآله وسلم وقال له:

تقدم الجیش إلیه فأعلمه ما فعل علی من اصطفائه الجاریة من الخمس لنفسه وقع فیه.

فسار بریدة حتی انتهی إلی باب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فلقیه عمر بن الخطاب فسأله عن حال غزوته وعن الذی أقدمه، فأخبره أنه إنما جاء لیقع فی علی، وذکر له اصطفاءه الجاریة من الخمس لنفسه.

فقال له عمر: امض لما جئت له، فإنه سیغضب لابنته مما صنع علی.

فدخل بریدة علی النبی صلی الله علیه وآله وسلم ومعه کتاب من خالد بما أرسل به بریدة، فجعل یقرؤه ووجه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یتغیر، فقال بریدة: یا رسول الله، إنک إن رخصت للناس فی مثل هذا ذهب فیؤهم؟

فقال له النبی صلی الله علیه وآله وسلم:

«ویحک - یا بریدة - أحدثت نفاقاً! إن علی بن أبی طالب یحل له من الفیء ما یحل لی، إن علی بن أبی طالب خیر الناس لک ولقومک، وخیر من أخلف من بعدی لکافة أمتی، یا بریدة أحذر أن تبغض علیاً فیبغضک الله».

قال بریدة فتمنیت أن الأرض انشقت بی فسخت فیها، وقلت:

ص: 29

أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله، یا رسول الله، استغفر لی، فلن أبغض علیاً أبداً، ولا أقول فیه إلا خیراً.

فاستغفر له النبی صلی الله علیه وآله وسلم)(1).

والحادثة ترشد بوضوح إلی طلب خالد بن الولید من بریدة الأسلمی الإیقاع فی علی بن أبی طالب علیه السلام فی محضر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

وإن هذا الطلب کان صریحاً فی خلق ظاهرة الاستقلاب وهی تغییر صورة علی بن أبی طالب علیه السلام أمام رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فکانت محاولة لتأسیس قلب الحدث بطلب من بعض الرموز.

إلاّ أن الجواب النبوی قلب الصورة وأعادها بأجمل مما کانت علیه فقد أصّلَ رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لبیان حکم الفیء لعلی فله ما لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم؛ فضلاً عن النص علی خلافته للأمة من بعده.

ثانیاً: استقلاب عمر بن الخطاب لحدیث رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وقوله: «إنه لیهجر» وإتباع بعض الصحابة له فقالوا: (القول ما قاله عمر)

تعد رزیة یوم الخمیس من الحوادث المشهورة فی کتب المسلمین وحسبک منها ما أخرجه البخاری ومسلم لها فی الصحیحین بتفاوت فی الألفاظ وباتّفاق فی المضمون والدلالة، وهی کالآتی:


1- الإرشاد للشیخ المفید: ج1، ص161؛ البحار للعلامة المجلسی: ج21، ص358.

ص: 30

1 - أخرج محمد بن إسماعیل فی الجامع الصحیح عن سلیمان بن أبی مسلم الأحول سمع سعید بن جبیر سمع ابن عباس، یقول:

(یوم الخمیس، وما یوم الخمیس؟ ثم بکی حتی بل دمعه الحصی.

قلت: یا ابن عباس ما یوم الخمیس؟

قال: اشتدّ برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وجعه، فقال:

«أئتونی بکتف أکتب لکم کتاباً لا تضلوا بعده أبداً».

فتنازعوا ولا ینبغی عند نبی تنازع، فقالوا: ما له أهجر!! استفهموه؟! فقال:

«ذرونی، فالذی أنا فیه خیر مما تدعونی إلیه».

فأمرهم بثلاث، قال:

«أخرجوا المشرکین من جزیرة العرب، وأجیزوا الوفد بنحو ما کنت أجیزهم».

وثالثة إما أن سکت عنها وإما أن قالها فنسیتها.

قال سفیان: هذا من قول سلیمان، هذا من قول سلیمان)(1).

2 - أخرج البخاری عن ابن عباس أنه قال:

(یوم الخمیس، وما یوم الخمیس؟! اشتد برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وجعه، فقال:

«ائتونی أکتب لکم کتاباً لن تضلوا بعده أبداً».

فتنازعوا ولا ینبغی عند نبی تنازع، فقالوا: ما شأنه! أهجر!! استفهموه؟!

فذهبوا یردون علیه، فقال:


1- صحیح البخاری، باب دعاء النبی صلی الله علیه وآله وسلم إلی الإسلام: ج4، ص65.

ص: 31

«دعونی فالذی أنا فیه خیر مما تدعونی إلیه».

وأوصاهم بثلاث، قال:

«أخرجوا المشرکین من جزیرة العرب، وأجیزوا الوفد بنحو ما کنت أجیزهم».

وسکت عن الثالثة، أو قال: فنسیتها)(1).

3 - أخرج مسلم عن الزهری عن عبید الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس، قال: (لما حضر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، وفی البیت رجال فیهم عمر بن الخطاب، فقال النبی صلی الله علیه - وآله - وسلم:

«هلم أکتب لکم کتاباً لا تضلون بعده».

فقال عمر: إن رسول الله قد غلب علیه الوجع وعندکم القرآن، حسبنا کتاب الله، فاختلف أهل البیت، فاختصموا، فمنهم من یقول قربوا یکتب لکم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم کتاباً لن تضلوا بعده، ومنهم من یقول: ما قال عمر، فلما أکثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله قال صلی الله علیه وآله وسلم:

«قوموا»)(2).

وهذه النصوص تدل علی ما یلی:

1 - تأسیس ظاهرة الاستقلاب فی قول رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وهو حی یرزق، بل: الأعظم من ذلک فی محضره المقدس وبمسمع منه ومن


1- صحیح البخاری، باب مرض النبی صلی الله علیه وآله وسلم: ج5، ص137.
2- صحیح مسلم، باب ترک الوصیة: ج5، ص75؛ والحدیث أخرجه البخاری أیضاً فی کتاب المرضی والطب: ج7، ص9.

ص: 32

الحاضرین عنده، ولم یرعوا حرمة لله ولا لرسوله صلی الله علیه وآله وسلم ولا لمسلم ونبیهم فی حالة الاحتضار!

ومع کل هذا جرت ظاهرة الاستقلاب بطلب من عمر بن الخطاب فاستقلب حدیث رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من «ائتونی أکتب لکم کتابا لن تضلوا بعده أبداً»، إلی قول بعضهم: (القول ما قاله عمر).

فکان طلب عمر فی منع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من أن یکتب لهم طلباً تقدیراً فاستقلب إلی (حسبنا کتاب الله).

2 - تکشف هذه الأحادیث عند المقابلة بینها بأن الاستقلاب فی روایتها واضح جداً وهو فی المواضع الآتیة:

ألف: إخفاء اسم القائل لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ووصفه بالهجر من الأحادیث علی الرغم من کثرتها وقلب النص من الفرد إلی الجماعة فجاء الحدیث بلفظ: (فقالوا: ما له أهجر استفهموه).

باء: تعمد سلیمان بن أبی سالم بقلب وصیة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فی الحدیث فقال:

(وأما الثالثة إما أن سکت عنها، وإما أن قالها فنسیتها) وکشف سفیان لهذا الاقلاب فی الحدیث بقوله: (هذا من قول سلیمان)، أی: إن هذا القول لم یکن لعبد الله بن عباس الذی روی لنا النص النبوی ومجریات رزیة یوم الخمیس.

جیم: قیام البخاری ومسلم بحذف تصریح سفیان لهذا التلاعب وکشفه

ص: 33

لفعل سلیمان بن أبی سالم بقلب الحدیث.

وهذه الشواهد تنص علی أن هذا التغییر والتلاعب والقلب فی النصوص فی أصح کتب أهل السنة والجماعة إنما یکشف عن ظاهرة الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی وإن هذا العمل لم یکن لیقع إلا بفعل طلب بعض الجهات لذلک؛ کما سیمر فی المسألة القادمة.

المسألة الثالثة: بدء العمل فی ظاهرة الاستقلاب فی عهد أبی بکر وعمر

اشارة

بعد مرحلة التأسیس لظاهرة الاستقلاب فی أیام رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وذلک من خلال الطلب التقدیری لقلب حدیث رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم کما مر بیانه من خلال الشواهد؛ تبدأ مرحلة جدیدة بعد وفاته صلی الله علیه وآله وسلم وتحدیداً فی خلافة الشیخین أبی بکر وعمر؛ وهی مرحلة العمل فی هذه الظاهرة وذلک من خلال ما یلی:

1 - حرق أحادیث رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

2 - منع الصحابة من التحدیث بحدیث رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بطلب صریح من أبی بکر.

3 - حرق الکتب التاریخیة ومنع اقتنائها بطلب صریح من عمر بن الخطاب.

4 - إمحاء السنة النبویة بطلب صریح من عمر بن الخطاب وجهه إلی جمیع المسلمین فی عصره.

5 - منع کتابة السنة النبویة والاکتفاء بکتاب الله بطلب صریح من عمر بن

ص: 34

الخطاب بعد أن أشار علیه الصحابة بکتابة السنة.

وهذه المرحلة العملیة من الطلبات الصریحة ولاسیما من عمر بن الخطاب کفیلة فی دفع الصحابة للعمل بالاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی وذلک بإتلاف، وتضییع، وإمحاء، ومنع التحدیث بالأحادیث النبویة، وسیرته، وسیرة أصحابه؛ مما یعنی ضیاع وتضییع الأدلة والشواهد علی ما هو صحیح منها وما هو کاشف عن الواقع للحدث وعینه الصادقة.

ومن ثم إخراج أحادیث مقلوبة ومخالفة للواقع فضلاً عن تقدیم سنة جدیدة قائمة علی الاجتهادات والاستحسانات فی کتاب الله تعالی؛ ومن ثم ضیاع الأصل وکل ما هو صحیح عن الإسلام.

ولا یخفی علی الباحثین وأهل المعرفة أن القرآن وحده وبدون رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لا یمکن معرفة أحکامه بل لا یمکن معرفة الإسلام الذی جاء به المصطفی صلی الله علیه وآله وسلم؛ وذلک للأسباب الآتیة.

1 - إن القرآن جاء بالأصول وترک الفروع وبیانها للنبی صلی الله علیه وآله وسلم کقوله تعالی:

((وَأَقِیمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّکَاةَ...))(1).

لکن کیفیة الصلاة ومقدماتها وشرائطها وصحتها وغیر ذلک مرهون بیانه وتوضیحه برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، کذلک بقیة الفرائض کالصوم والحج والجهاد وغیرها.


1- سورة البقرة، الآیة: 43.

ص: 35

2 - إنّ القرآن الکریم فیه آیات متشابهات وأخریات محکمات هن أم الکتاب فقد یعمل بالمتشابه ویعرض عن المحکم.

3 - إن القرآن لا یعلمه إلاّ أهله، وهم أهل الذکر.

4 - لا یعلم تأویله إلاّ الله ورسوله والراسخون فی العلم.

وهؤلاء، أی أهل الذکر والراسخون فی العلم قد بینهم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم للناس وأوصی الأمة بالتمسک بهم من بعده کی لا یضلوا، وهم عترته أهل بیته، وهم فاطمة وعلی والحسن والحسین والتسعة المعصومون من ذریة الحسین علیه السلام آخرهم قائمهم المهدی صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین.

وعلیه: تم العمل بهذه الظاهرة أی: الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی فی حکم أبی بکر وعمر بن الخطاب بشکل أساس وهو ما دلت علیه النصوص والشواهد الآتیة:

أولاً: استقلاب أبی بکر للنص النبوی

1 - روی الذهبی عن عائشة أنها قالت:

(جمع أبی الحدیث عن رسول الله وکانت خمس مائة حدیث، فبات لیلته یتقلب کثیرا، قالت فغمنی، فقلت أتتقلب لشکوی أو لشیء بلغک؟ فلما أصبح قال:

أی بنیة، هلمی الأحادیث التی عندک، فجئته بها، فدعا بنار فحرقها».

فقلت: لم أحرقتها؟!

قال: «خشیت أن أموت وهی عندی فیکون فیها أحادیث عن رجل قد

ص: 36

ائتمنته ووثقت (به) ولم یکن کما حدثنی فأکون قد نقلت ذلک)(1).

2 - عن ابن أبی ملیکة قال: (إن أبا بکر جمع الناس بعد وفاة نبیهم فقال: إنکم تحدثون عن رسول الله - صلی الله علیه وآله وسلم - أحادیث تختلفون فیها والناس بعدکم أشد اختلافاً، فلا تحدثوا عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم شیئاً! فمن سألکم فقولوا بیننا وبینکم کتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه)(2).

والحدیثان یکشفان بوضوح عن طلب أبی بکر من الصحابة بترک الحدیث عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وقلب الحکم الشرعی النبوی باعتماد الآراء فی فهم آیات القرآن الکریم کلا حسب هواه فاستقلبت السنة النبویة.

ثانیاً: استقلاب عمر بن الخطاب للنص النبوی

1 - روی الخطیب البغدادی (المتوفی سنة 463ه_) عن القاسم بن محمد: (أن عمر بن الخطاب بلغه أنه قد ظهر فی أیدی الناس کتب، فاستنکرها وکرهها، وقال: (أیّها الناس، إنه قد بلغنی أنه قد ظهرت فی أیدیکم کتب، فأحبها إلی الله أعدلها وأقومها، فلا یبقین أحد عنده کتاب إلا أتانی به فأری فیه رأیی).

قال: فظنوا أنه یرید أن ینظر فیها، علی أمرٍ لا یکون فیه اختلاف، فأتوه بکتبهم فأحرقها بالنار ثم قال: أمنیة کأمنیة أهل الکتاب)(3).


1- تذکرة الحفاظ للذهبی: ج 1، ص 5؛ کنز العمال للهندی: ج10، ص285.
2- تذکرة الحفاظ للذهبی: ج1، ص32.
3- تقیید العلم للخطیب البغدادی: ص52.

ص: 37

2 - عن یحیی بن جعدة: أن عمر بن الخطاب أراد أن یکتب السُنة، ثم بدا له أن لا یکتبها، ثم کتب فی الأمصار من کان عنده شیء فلیمحه(1).

3 - روی الحافظ الصنعانی عن الزهری عن عروة: أن عمر بن الخطاب أراد أن یکتب السنن، فأشاروا علیه أن یکتبها، فطفق یستخیر الله فیها شهراً، ثم أصبح یوماً وقد عزم الله له، فقال:

إنی کنت أردت أن أکتب السنن وإنی ذکرت قوما کانوا قبلکم کتبوا کتباً فأکبوا علیها، فترکوا کتاب الله تعالی، وإنی والله لا ألبس کتاب الله بشیء أبداً(2).

ولا شک أن هذه المرحلة قد أثرت بشکل أساس فی ظهور الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی مما جعلها ظاهرة متجذرة فی روایة الحدیث والتدوین، فاستقلبت السنة النبویة فی خیر الأزمنة کما یروی، فکانت هذه السنة المحمدیة بین الإمحاء والحرق ومنع التحدیث بها من جهة، ومن جهة أخری حث الناس وأمرهم بالرجوع إلی القرآن فی أخذ الحکم منه بدون الرجوع إلی بیان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، وما کان یعلم الناس من أحکام جاء بها القرآن فکثرت الآراء والاجتهادات الشخصیة وکثرت البدع واستقلبت شریعة المصطفی صلی الله علیه وآله وسلم بفعل هذه الطلبات التی کان یصدرها أبو بکر وعمر إلی الناس فی جمیع المدن.


1- کتاب العلم لابن خثیمة النسائی: ص11؛ جامع بیان العلم وفضله لابن عبد البر: ج1، ص65.
2- المصنف للصنعانی: ج11، ص285؛ جامع بیان العلم لابن عبد البر: ج1، ص64؛ الشیعة والسیرة النبویة للمؤلف: ص117 - 119.

ص: 38

ولعل الرجوع إلی شکوی الإمام علی علیه السلام بما عمله الولاة من قبله علی قلب النصوص وطلبهم الصریح حیناً والتقدیری حیناً أخری یفی لبیان اعتماد هذه الظاهرة کمنهج عملی یرافق النص وهو ما سنعرض له لاحقاً، أی بعد عرضنا لشکوی الإمام علی علیه السلام فیما أحدثه الولاة من استقلاب فی النص فسار الرواة علی تلک الطلبات.

فقد أخرج الشیخ الکلینی علیه الرحمة والرضوان (عن علی بن إبراهیم القمی عن أبیه، عن حماد بن عیسی، عن إبراهیم بن عثمان، عن سلیم بن قیس الهلالی، قال: خطب أمیر المؤمنین علیه السلام، فحمد الله وأثنی علیه، ثم صلی علی النبی صلی الله علیه وآله وسلم ثم قال:

«ألا إنّ أخوف ما أخاف علیکم خلتان إتباع الهوی وطول الأمل، أما إتباع الهوی فیصد عن الحق، وأما طول الأمل فینسی الآخرة، ألا إنّ الدنیا قد ترحلت مدبرة وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ولکل واحدة بنون، فکونوا من أبناء الآخرة ولا تکونوا من أبناء الدنیا؛ فإن الیوم عمل ولا حساب، وإن غدا حساب ولا عمل، وإنما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع وأحکام تبتدع، یخالف فیها حکم الله یتولی فیها رجال رجالا، ألا إن الحق لو خلص لم یکن اختلاف ولو أن الباطل خلص لم یخف علی ذی حجی لکنه یؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فیمزجان فیجللان معا فهنالک یستولی الشیطان علی أولیائه ونجا الذین سبقت لهم من الله الحسنی، إنی سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله یقول: کیف أنتم إذا لبستم فتنة یربو فیها الصغیر ویهرم فیها الکبیر، یجری الناس علیها ویتخذونها سنة فإذا غیر منها شیء.

قیل: قد غیرت السنة وقد أتی الناس منکرا ثم تشتد البلیة وتسبی الذریة

ص: 39

وتدقهم الفتنة کما تدق النار الحطب وکما تدق الرحا بثفالها ویتفقهون لغیر الله ویتعلمون لغیر العمل ویطلبون الدنیا بأعمال الآخرة».

ثم أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بیته وخاصته وشیعته فقال:

«قد عملت الولاة قبلی أعمالا خالفوا فیها رسول الله صلی الله علیه وآله متعمدین لخلافه، ناقضین لعهده مغیرین لسنته ولو حملت الناس علی ترکها وحولتها إلی مواضعها وإلی ما کانت فی عهد رسول الله صلی الله علیه وآله لتفرق عنی جندی حتی أبقی وحدی أو قلیل من شیعتی الذین عرفوا فضلی وفرض إمامتی من کتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلی الله علیه وآله.

أرأیتم لو أمرت بمقام إبراهیم علیه السلام فرددته إلی الموضع الذی وضعه فیه رسول الله صلی الله علیه وآله.

ورددت فدک إلی ورثة فاطمة علیها السلام.

ورددت صاع رسول الله صلی الله علیه وآله کما کان، وأمضیت قطائع أقطعها رسول الله صلی الله علیه وآله لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ.

ورددت دار جعفر إلی ورثته وهدمتها من المسجد.

ورددت قضایا من الجور قضی بها، ونزعت نساءً تحت رجال بغیر حق فرددتهن إلی أزواجهن واستقبلت بهن الحکم فی الفروج والأرحام، وسبیت ذراری بنی تغلب.

ورددت ما قسم من أرض خیبر، ومحوت دواوین العطایا وأعطیت کما کان رسول الله صلی الله علیه وآله یعطی بالسویة ولم أجعلها دولة بین الأغنیاء وألقیت المساحة، وسویت بین المناکح وأنفذت خمس الرسول کما أنزل الله عز وجل وفرضه.

ورددت مسجد رسول الله صلی الله علیه وآله إلی ما کان علیه، وسددت ما فتح فیه من الأبواب، وفتحت ما سد منه، وحرمت المسح علی الخفین،

ص: 40

وحددت علی النبیذ، وأمرت بإحلال المتعتین، وأمرت بالتکبیر علی الجنائز خمس تکبیرات، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحیم، وأخرجت من أدخل مع رسول الله صلی الله علیه وآله فی مسجده ممن کان رسول الله صلی الله علیه وآله أخرجه، وأدخلت من اخرج بعد رسول الله صلی الله علیه وآله ممن کان رسول الله صلی الله علیه وآله أدخله، وحملت الناس علی حکم القرآن وعلی الطلاق علی السنة، وأخذت الصدقات علی أصنافها وحدودها.

ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلی مواقیتها وشرائعها ومواضعها. ورددت أهل نجران إلی مواضعهم.

ورددت سبایا فارس وسائر الأمم إلی کتاب الله وسنة نبیه صلی الله علیه وآله، إذا لتفرقوا عنی.

والله لقد أمرت الناس أن لا یجتمعوا فی شهر رمضان إلا فی فریضة، وأعلمتهم أن اجتماعهم فی النوافل بدعة، فتنادی بعض أهل عسکری ممن یقاتل معی: یا أهل الإسلام غیرت سنة عمر، ینهانا عن الصلاة فی شهر رمضان تطوعا، ولقد خفت أن یثوروا فی ناحیة جانب عسکری ما لقیت من هذه الأمة من الفرقة وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلی النار.

وأعطیت من ذلک سهم ذی القربی الذی قال الله عز وجل:

((...إِنْ کُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَی عَبْدِنَا یَوْمَ الْفُرْقَانِ یَوْمَ الْتَقَی الْجَمْعَانِ...))(1).

فنحن والله عنی بذی القربی الذی قرننا الله بنفسه وبرسوله صلی الله علیه وآله، فقال تعالی:


1- سورة الأنفال، الآیة: 41.

ص: 41

((...فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی الْقُرْبَی وَالْیَتَامَی وَالْمَسَاکِینِ وَابْنِ السَّبِیلِ...))(1).

فینا خاصة کیلا یکون دولة بین الأغنیاء منکم وما آتاکم الرسول فخذوه وما نهاکم عنه فانتهوا واتقوا الله فی ظلم آل محمد إن الله شدید العقاب لمن ظلمهم رحمة منه لنا وغنی أغنانا الله به ووصی به نبیه صلی الله علیه وآله ولم یجعل لنا فی سهم الصدقة نصیبا أکرم الله رسوله صلی الله علیه وآله وأکرمنا أهل البیت أن یطعمنا من أوساخ الناس، فکذبوا الله وکذبوا رسوله وجحدوا کتاب الله الناطق بحقنا ومنعونا فرضا فرضه الله لنا، ما لقی أهل بیت نبی من أمته ما لقینا بعد نبینا صلی الله علیه وآله والله المستعان علی من ظلمنا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم»)(2).

ثالثاً: استقلاب عائشة لوصیة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فی علی صلوات الله وسلامه علیه

من الحوادث التی تکشف عن التأسیس لظاهرة الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی فی القرن الأول للهجرة، حادثة وفاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وذلک من خلال نفی عائشة لوصیة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فی علی علیه السلام؛ فکان نفیها یؤسس لطلب تقدیری من الرواة وأی سائل یسأل عن وصیة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بقلبها وإبعادها عن علی علیه السلام؛ وذلک بنفی وقوعها من الأساس.


1- سورة الحشر، الآیة: 7.
2- الکافی للکلینی: ج8، ص58 - 63؛ وسائل الشیعة للعاملی: ج1، ص458.

ص: 42

فما کان من الرواة إلا الامتثال لهذا الطلب ونشر قولها بین الناس وروایته وتدوینه منذ زمانها وإلی یومنا هذا.

ولولا أن عبد الله بن عباس یکشف عن نوع العلاقة العقائدیة والنفسیة التی کانت تتحکم بأفعال عائشة وأقوالها فی علی بن أبی طالب علیه السلام لضاع معها الکشف عن السبب فی نفیها لوصیة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من الأساس.

ولکن: فلننظر أولاً إلی ما روی عنها فی وصیة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حینما ذکر عندها علی بن أبی طالب علیه السلام وأنه منصوص علیه بالوصیة، فقد أخرج البخاری، ومسلم، وابن سعد، والنسائی، وأحمد، عن الأسود، قال:

(ذکر عند عائشة أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم أوصی إلی علی فقالت: من قاله؟!)(1).

وفی روایة: (متی أوصی إلیه؟)(2).

لقد رأیت النبی وأنا مسندته إلی صدری، أو قالت: حجری فدعا بالطست - لیبول فیها - فخنث فمات فما شعرت به، فکیف أوصی إلی علی(3)؟

أو: فمتی أوصی إلی علی)(4)؟


1- صحیح البخاری: ج5، ص143.
2- مسند أحمد بن حنبل: ج6، ص32.
3- صحیح البخاری، باب مرض النبی صلی الله علیه وآله وسلم: ج5، ص143.
4- الطبقات لابن سعد: ج2، ص261.

ص: 43

وهذه الحالة النفسیة والعقدیة التی تکشفها الروایات تنص علی طلب تقدیری لقلب الحدث وتغییره لدی الحاضرین عندها وقد ذکروا وصیة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لعلی علیه السلام فکان فعلها مؤسساً لظاهرة الاستقلاب فی النص التاریخی وهو ما جری علیه قلم الرواة ومدادهم.

أما کیف کشف لنا عبد الله بن عباس هذا التلاعب وبث طلب تغییر النصوص النبویة والتاریخیة لاسیما فیما یتعلق بعلی بن أبی طالب وأهل بیته خاصة فمن خلال الروایة الآتیة:

روی ابن سعد عن الزهری قال:

(أخبرنی عبید الله بن عبد الله بن عتبة: عن عائشة زوج النبی صلی الله علیه - وآله - وسلم اشتد وجعه استأذن أزواجه فی أن یمرض فی بیتی فأذن له خرج بین رجلین تخط رجلاه فی الأرض بین بن عباس تعنی الفضل ورجل آخر.

قال عبید الله: فأخبرت عبد الله بن عباس بما قالت، قال:

فهل تدری من الرجل الآخر الذی لم تسمی عائشة؟

قال: فقلت: لا.

قال ابن عباس:

هو علی؟ إن عائشة لا تطیب له نفساً بخیر)(1).

وفی لفظ آخر عن ابن عباس أنه قال:


1- الطبقات الکبری لابن سعد: ج2، ص232.

ص: 44

(إنها لا تقدر علی أن تذکره بخیر وهی تستطیع)(1).

وهذه الحالة النفسیة والعقدیة لعائشة تمنعها من أن تذکر ما قاله رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فی علی علیه السلام علی مر حیاتها فضلاً عن أنها أسست لظاهرة الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی بطلب تقدیری یرشد الرواة إلی قلب النصوص والأحادیث فاستقلبت بفعل هذا المنهج.

المسألة الرابعة: اعتماد حکام بنی أمیة الاستقلاب کمنهج فی التعامل مع النص النبوی والتاریخی

اشارة

إن تلک المرحلة التی استمرت خلال حکم الولاة بعد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، وکما بین الإمام علی بن أبی طالب علیه الصلاة والسلام وبلغ عنها قدمت تبریراً فأقام به حکام بنی أمیة فضلاً عن الدعم المعنوی والنفسی والاجتماعی فی اعتماد الاستقلاب کمنهج فی التعامل مع النص النبوی والتاریخی.

وقد وفر بنو أمیة کل المستلزمات لتحقیق العمل بهذا المنهج وبذلوا من أجله جمیع الإمکانیات المالیة والسلطویة والعقدیة والاجتماعیة، وهو ما کشفت عنه النصوص التی غلبت جمیع هذه الإمکانیات المبذولة ولتظهر بذاک أن لا قدرة علی طمس الحقیقة وقتلها مما جهد الظالمون فی ذلک.

وکما قیل فی العلم الجنائی والقضائی: إن لا جریمة مغلقة وبدون أدلة توصل إلی معرفة المجرم وأن جهد فیها الجناة، وطال الزمن.


1- أنساب الأشراف للبلاذری: ج1، ص545؛ تاریخ الطبری: ج2، ص433؛ فتح الباری لابن حجر: ج2، ص131؛ عمدة القاری للعینی: ج5، ص192.

ص: 45

فکان من الشواهد علی اعتماد حکام بنی أمیة الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی ما یلی:

أولاً: معاویة یطلب من الرواة استقلاب النص النبوی والتاریخی فی جمیع المدن الإسلامیة

یروی ابن أبی الحدید المعتزلی کیفیة اعتماد معاویة للاستقلاب فی النص النبوی وذلک من خلال توجیهه مجموعة من الأوامر إلی الناس کافة یطالبهم فیها وبصورة صریحة روایة الأحادیث المکذوبة من جهة، ومن جهة أخری قلب الأحادیث والنصوص الواردة فی علی بن أبی طالب وأبنائه علیهم السلام، فیقول:

(کتب معاویة نسخة واحدة إلی عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روی شیئاً فی فضل أبی تراب وأهل بیته.

فقامت الخطباء فی کل کورة وعلی کل منبر یلعنون علیا ویبرأون منه ویقعون فیه وفی أهل بیته وکان أشد الناس بلاء حینئذ أهل الکوفة لکثرة من بها من شیعة علی علیه السلام، فاستعمل علیهم زیاد بن سمیة وضم إلیه البصرة فکان یتتبع الشیعة وهو بهم عارف لأنه کان منهم أیام علی علیه السلام فقتلهم تحت کل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأیدی والأرجل وسمل العیون وصلبهم علی جذوع النخل وطرفهم وشردهم عن العراق فلم یبق بها معروف منهم.

وکتب معاویة إلی عماله فی جمیع الآفاق ألا یجیزوا لأحد من شیعة علی وأهل بیته شهادة وکتب إلیهم أن انظروا من قبلکم من شیعة عثمان ومحبیه وأهل ولایته والذین یروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأکرموهم واکتبوا لی بکل ما یروی کل رجل منهم واسمه واسم أبیه وعشیرته.

ص: 46

ففعلوا ذلک حتی أکثروا فی فضائل عثمان ومناقبه لما کان یبعثه إلیهم معاویة من الصلات والکساء والحباء والقطائع ویفیضه فی العرب منهم والموالی فکثر ذلک فی کل مصر وتنافسوا فی المنازل والدنیا فلیس یجیء أحد مردود من الناس عاملا من عمال معاویة فیروی فی عثمان فضیلة أو منقبة إلا کتب اسمه وقربه وشفعه فلبثوا بذلک حینا.

ثم کتب إلی عماله أن الحدیث فی عثمان قد کثر وفشا فی کل مصر وفی کل وجه وناحیة فإذا جاءکم کتابی هذا فادعوا الناس إلی الروایة فی فضائل الصحابة والخلفاء الأولین ولا تترکوا خبرا یرویه أحد من المسلمین فی أبی تراب إلا وتأتونی بمناقض له فی الصحابة فإن هذا أحب إلی وأقر لعینی وأدحض لحجة أبی تراب وشیعته وأشد علیهم من مناقب عثمان وفضله.

فقرئت کتبه علی الناس فرویت أخبار کثیرة فی مناقب الصحابة مفتعلة لا حقیقة لها وجد الناس فی روایة ما یجری هذا المجری حتی أشادوا بذکر ذلک علی المنابر وألقی إلی معلمی الکتاتیب فعلموا صبیانهم وغلمانهم من ذلک الکثیر الواسع حتی رووه وتعلموه کما یتعلمون القرآن وحتی علموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم فلبثوا بذلک ما شاء الله.

ثم کتب إلی عماله نسخة واحدة إلی جمیع البلدان انظروا من قامت علیه البینة انه یحب علیا وأهل بیته فامحوه من الدیوان وأسقطوا عطاءه ورزقه وشفع ذلک بنسخة أخری من اتهمتوه بموالاة هؤلاء القوم فنکلوا به واهدموا داره فلم یکن البلاء أشد ولا أکثر منه بالعراق ولاسیما بالکوفة حتی إن الرجل من شیعة

ص: 47

علی علیه السلام لیأتیه من یثق به فیدخل بیته فیلقی إلیه سره ویخاف من خادمه ومملوکه ولا یحدثه حتی یأخذ علیه الأیمان الغلیظة لیکتمن علیه فظهر حدیث کثیر موضوع وبهتان منتشر ومضی علی ذلک الفقهاء والقضاة والولاة وکان أعظم الناس فی ذلک بلیة القراء المراءون والمستضعفون الذین یظهرون الخشوع والنسک فیفتعلون الأحادیث لیحظوا بذلک عند ولاتهم ویقربوا مجالسهم ویصیبوا به الأموال والضیاع والمنازل حتی انتقلت تلک الأخبار والأحادیث إلی أیدی الدیانین الذین لا یستحلون الکذب والبهتان فقبلوها ورووها وهم یظنون أنها حق ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدینوا بها)(1).

والحدیث یکشف عن اعتماد الاستقلاب منهجاً أساساً تم بواسطته التعامل مع النص النبوی والتاریخی وذلک من خلال جملة من الطلبات الصریحة التی قام بها معاویة لقلب النص، فکانت کالآتی:

1 - کتب إلی جمیع عماله أی الولاة علی المدن الإسلامیة بقرار وطلب واحد: أن برئت الذمة ممن روی شیئاً من فضل أبی تراب وأهل بیته علیهم السلام.

وقد أسلفنا سابقاً أن هذا الأسلوب أول من أسس له أبو بکر وعمر حینما طلبا من الصحابة منع الحدیث وامحائه وحرقه ومحاسبة من یتحدث به، أی تضییع وإمحاءه النص الصحیح کی یحل محله النص المکذوب والمقلوب فینسب ما قاله النبی صلی الله علیه وآله وسلم من الفضائل فی أهل بیته إلی غیرهم فیستقلب بذلک النص.


1- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید المعتزلی: ج11، ص44 - 46.

ص: 48

2 - کتب - فی المرحلة اللاحقة من عملیة الاستقلاب - إلی جمیع ولاته علی المدن: ألا یجیزوا لأحد من شیعة علی وأهل بیته شهادة.

وتأثیر هذا القلب کان تکمیم الأفواه والتنکیل بالقائل مما یؤدی إلی انحسار الروایة فی علی وأهل بیته وأدها فی مهدها، فإن کتب لأحدها بالظهور فإن القائل ساقطة عدالته ومنکل به مما یعنی عدم الأخذ بما یروی، ویحدّث کی یتحقق قلب النص فاستقلب بهذه المرحلة من طلبات معاویة إلی ولاته.

3 - فی المرحلة الثالثة، طلب روایة الأحادیث المکذوبة علی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم کبدیل ثقافی وعقدی لدی المسلمین عن تلک الثقافة التی قام علیها المجتمع الإسلامی فی زمن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

فکتب إلی الولاة: (أن انظروا من شیعة عثمان ومحبیه وأهل بیته والذین یروون فضائله ومناقبه وقربوهم وأکرموهم...الخ).

4 - فی المرحلة الرابعة: کتب معاویة إلی الولاة کتاباً یطلب فیه منهم أن یدعوا الناس إلی الروایة فی فضائل الصحابة والخلفاء الأولین ولا یترکوا خبراً یرویه أحد من المسلمین فی علی بن أبی طالب علیه السلام إلاّ وجاءوا معاویة بمناقض لهذا الحدیث.

ثم یبیّن السبب الذین کان هذا القرار والطلب فیقول:

(فإن هذا أحب إلیّ وأقر لعینی وأدحض لحجة أبی تراب، - أی: علی بن أبی طالب علیه السلام - وشیعته وأشد علیهم من مناقب عثمان وفضله).

إلاّ أن جمیع هذه المراحل لم تکن لتمنع روایة الناس فی علی بن أبی

ص: 49

طالب علیه السلام وإظهار فضائله علی الرغم من بذل معاویة لکل هذه الأموال والترغیب.

ولذا: نجده بعد هذا الفشل فی منع الروایة فی علی علیه السلام وبیان فضائله ونجاحه فی استقلاب النص فی فضائل عثمان والصحابة الأولین، عمد إلی مرحلة جدیدة فی محاربته للنص النبوی والتاریخی وهی القضاء علی کل من یروی حدیثاً فی علی بن أبی طالب کی تموت معه الآلیة التی تعدل اعوجاج النص وقلبه.

فکتب إلی عماله وعلی مرحلتین تظهر الأولی فشلها وتأثیرها فی تحقیق المنع لروایة النصوص فی علی وأهل بیته علیهم السلام، کما تظهر احتیاج معاویة إلی مرحلة جدیدة.

أما الأولی: فقد کتب إلی عماله نسخة واحدة إلی جمیع البلدان: انظروا من قامت علیه البینة أنه یحب علیّاً وأهل بیته فامحوه من الدیوان وأسقطوا عطاءه ورزقه.

ثم ألحقه بکتاب آخر:

(من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنکلوا به واهدموا داره).

وعلیه: کیف لا یستقلب النص النبوی والتاریخی بعد کل هذه الطلبات الصریحة والقوانین الطاغوتیة التی قام بها معاویة بن أبی سفیان، وکیف سیکون انعکاسها وتداعیاتها علی الحکام الذین خلفوا معاویة فضلاً عن نفاذها فی الثقافة الإسلامیة وتعبد کثیر من المسلمین بها؟!

ص: 50

ثانیاً: تطور ظاهرة الاستقلاب فی حکم عبد الملک بن مروان

لم یغب عن ذهن حکام بنی أمیة ما أسسه السلف فی التعامل مع النص النبوی والتاریخی کما مرّ بیانه فی البحث، ولذا: بدأوا بمراجعة تلک الأساسیات التی قامت علیها العقیدة الأمویة وذلک من خلال مراجعة ومتابعة ما بقی فی أذهان الناس من نصوص نبویة أو لعل بعضهم تمرد علی أوامر الولاة فکتب هذه النصوص وأخفاها عنهم؛ فخشی أولئک الحکام لاسیما عبد الملک بن مروان ومن خلفه من ظهور هذه النصوص بعد انقضاء حکمهم، مما یعنی عودة الناس إلی الإسلام المحمدی وإعراضهم عن اللا إسلام الأموی.

وعلیه:

فقد أرشدنا النص الذی رواه الزبیر بن بکار فی الموفقیات إلی حقیقة جدیدة تضاف إلی الحقائق السابقة التی أجمعت علی اعتماد حکام بنی أمیة الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی منهجاً أساساً یسار علیه فی معظم المدن الإسلامیة، ومما یدل علیه:

1 - قال الزبیر بن بکار:

(قدم سلیمان بن عبد الملک إلی مکة حاجاً سنة 82 للهجرة، فأمر أبان بن عثمان بن عفان أن یکتب له سیَر النبی صلی الله علیه وآله وسلم ومغازیه.

فقال له أبان:

هی عندی، قد أخذتها مصححة ممن أثق به، فأمر سلیمان عشرة من الکُتّاب بنسخها، فکتبوها فی رق، فلما صارت إلیه نظر فإذا فیها ذکر الأنصار فی العقبتین

ص: 51

وفی بدر، فقال: ما کنت أری لهؤلاء القوم هذا الفضل، فإما أن یکون أهل بیتی غمصوا علیهم، وإما أن یکونوا لیس هکذا!!.

فقال أبان: أیها الأمیر، لا یمنعنا ما صنعوا أن نقول بالحق، هم ما وصفنا لک فی کتابنا هذا.

فقال سلیمان: ما حاجتی إلی أن أنسخ ذاک حتی أذکره لأمیر المؤمنین لعله یخالفه، ثم أمر بالکتاب فخرق، ورجع فأخبر أباه عبد الملک بن مروان بذلک الکتاب.

فقال عبد الملک: (وما حاجتک أن تقدم بکتاب لیس لنا فیه فضل، تُعرّف أهل الشام أمورا لا نرید أن یعرفوها!؟.

قال سلیمان: فلذلک أمرت بتخریق ما نسخته)(1).

ویدل قول عبد الملک بن مروان لولده سلیمان:

(وما حاجتک أن تقدم بکتاب لیس لنا فیه فضل، تُعرّف أهل الشام أموراً لا نرید أن یعرفوها) الطلب علی نفی النص النبوی والتاریخی الذی یذکر أموراً لا یرید عبد الملک أن یعرفها أهل الشام، ومما لا شک فیه أن هذه الأمور هی:

1 - حقائق تتعلق بالصحابة ولاسیما الرموز منهم.

2 - حقائق بنفاق أسلاف عبد الملک بن مروان.

3 - جرائم معاویة وانتهاکاته لشریعة الله.


1- الموفقیات للزبیر بن بکار: ص 322 - 323؛ الشیعة والسیرة النبویة بین التدوین والاضطهاد للمؤلف: ص320 - 321.

ص: 52

4 - فضائل علی بن أبی طالب وأهل بیته علیهم السلام.

5 - فضائل الأنصار.

ولعل بعض هذه الحقائق کشفها الحوار الذی دار بین أبان بن عثمان وبین سلیمان بن عبد الملک، ومن ثم فسلیمان بین خیارات إما أن تکتب السیرة بهذه الأمور التی یخشاها بنو أمیة ومن ثم إظهار الکثیر من الحقائق التی تضر بالسلطان والإمارة.

وإما إخفاؤها وتضییعها وطمسها من الظهور؛ وإما قلب النصوص النبویة والتاریخیة بما یخدم بقاءهم فی الحکم، وبقاؤهم فی الحکم متوقف علی قتل الإسلام ومحوه والمجیء بإسلام جدید فی عقیدته وأحکامه.

وهو ما اختاره بنو أمیة، فقد اعتمدوا الأمرین معاً، أی تضییع الحقائق وقتلها کما فعل سلیمان من تمزیقه للسیرة.

وثانیاً: الطلب من الرواة بقلب النصوص النبویة والتاریخیة وهو ما ظهر صراحة وعلناً مع ابن شهاب الزهری فاستقلب النص، کما ترشدنا النصوص الآتیة التی سنوردها فی (ثالثاً).

ثالثاً: دوران ابن شهاب الزهری بین طلب بنی أمیة فی قلب النص النبوی والتاریخی وبین ثباته فی النصوص الصحیحة

إن من بین أهم المسارات البحثیة فی تحدید شخصیة ابن شهاب الزهری هی علاقته ببنی أمیة وطلباتهم المتکررة فی قلب النص النبوی والتاریخی واعتماد الاستقلاب بفعل هذه الأوامر والطلبات منهاجاً وآلیة للتعامل مع النص.

ص: 53

ومن هنا: اختلفت الدراسات التاریخیة سواء ما کان منها مقدماً من کتاب إسلامیین أو مستشرقین فی بیان دور البلاط الأموی وتأثیره فی حرکة ابن شهاب الزهری العلمیة.

فمنها ما ذهبت إلی امتثاله لرغبات البلاط الأموی فی (إیجاد مادة دینیة تخدم مصالح أسرة بنی أمیة)(1).

وقد استندوا فی ذلک إلی أمرین:

ألف: أن الزهری کان یجیز للتلمیذ أن یروی النص دون سماع علی شیخ أو قراءة علیه(2).

باء: ما صرح به الزهری فی قوله: (کنا نکره کتاب العلم، حتی أکرهنا علیه هؤلاء الأمراء فرأینا ألا نمنعه أحدا من المسلمین)(3).

وقد حاولت بعض الدراسات التاریخیة الأخری الدفاع  عن الزهری وتبرئة ساحته من الانخراط فی رغبات السلطة الأمویة ومساعدتها فی تثبیت الحکم، فرأت هذه الدراسة:

1_ أن ما ذهب إلیه جولد تسیهر فی کتابه الدراسات الإسلامیة فی مساعدة الزهری للأسرة الأمویة هو مجرد لبس فی فهم النص سببه الترجمة الخاطئة للنص(4).


1- تاریخ التراث: ج2، ص75، نقلاً عن: الدراسات الإسلامیة لجولد تسهیر: (Goldziher, Muh. Stud. 11.38).
2- تاریخ التراث العربی لفؤاد سزکین: مج1، ج2، ص75.
3- الطبقات الکبری لابن سعد: ج2، ص135؛ تاریخ التراث لسزکین: ج2، ص75.
4- تاریخ التراث العربی: مج1، ج2، ص75.

ص: 54

2 - فی حین رأی السیوطی وغیره أن معنی قول الزهری هو: (رغبنا عن روایة الأحادیث بطریق الکتابة، أی بنسخ النصوص نسخا وروایتها دون أن تکون قد قرئت علی شیخ أو سمعت منه حتی أجبرنا هؤلاء الأمراء علی ذکر ذلک فقررنا ألا نحجب هذا عن أحد)(1).

فی حین أننا وجدنا من خلال بعض النصوص: أن الزهری قد عمل لصالح البلاط الأموی، وقد وفر لهم الأجواء الدینیة التی أسهمت فی تثبیت حکمهم، وتوجه کثیر من المسلمین إلیهم، وأنه کوفئ علی هذا الصنیع لمدّة لیست بالقصیرة من حیاته.

ولکنه؛ بسبب قیامه بمعاقبة أحد المسلمین وتعذیبه حتی الموت حینما کان عاملا لبنی أمیة؛ انقلب الرجل، وخرج هائما، وترک أهل بیته وصحبه حتی لقی الإمام زین العابدین علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام، فتحول عن تلک المیول الأمویة، وتوجه إلی صحبة الإمام زین العابدین علیه السلام.

ومما یدل علی هذه الحقیقة ما یأتی:

ألف: یکشف الزهری عن هذه الحقیقة ویصرح بأعماله التی خدمت البلاط الأموی علی رغم علمه أنها أعمال کانت مخالفة للشریعة الإسلامیة، فیقول فی حدیثه لمعمر: (حدثنی عکرمة عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم:

«إن الله عزّ وجل منع بنی إسرائیل قطر السماء بسوء رأیهم فی أنبیائهم


1- تدریب الراوی للسیوطی: ص146؛ تاریخ التراث العربی: مج1، ج2، ص75.

ص: 55

واختلافهم فی دینهم، وأنه أخذ هذه الأمة بالسنین ومانعهم قطر السماء ببغضهم علی بن أبی طالب علیه السلام».

قال معمر: حدثنی (به) الزهری فی مرضة مرضها، ولم أسمعه یحدث عن عکرمة قبلها - أحسبه ولا بعدها_ فلما بل من مرضه ندم فقال لی: یا یمانی أکتم هذا الحدیث وأطوه دونی فإن هؤلاء - یعنی بنی أمیة - لا یعتذرون أحداً فی تقریظ علی وذکره!!

(قال معمر: فقلت له): فما بالک أوعبت مع القوم وقد سمعت الذی سمعت؟ قال حسبک یا هذا انهم أشرکونا فی لهاهم فانحططنا لهم فی أهوائهم)(1).

باء: وانحطاط الزهری لأهواء حکام بنی أمیة - کما صرح بذلک - دفع بعمر بن عبد العزیز أن یکتب إلی الآفاق: (علیکم بابن شهاب، فإنکم لا تجدون أحدا أعلم بالسنة الماضیة منه)(2).

وأنه لم یزل مع عبد الملک بن مروان وهشام بن عبد الملک، ویزید بن عبد الملک وکان قد استقضاه(3).

جیم: قضاء دیونه التی أعابه البعض علی کثرتها، وقد تکرر من الحکام الأمویین قضاء دیون الزهری فبلغ بعضها (ألف ألف)(4)، وأخری (سبعة آلاف


1- مناقب أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام للحافظ ابن المغازلی: ص142، ح186.
2- الجرح والتعدیل للرازی: ج2، ص18 و ج8، ص72؛ تاریخ مدینة دمشق لابن عساکر: ج55، ص344؛ سیر أعلام الذهبی: ج5، ص336؛ الأعلام للزرکلی: ج7، ص97؛ وفیات الأعیان لابن خلکان: ج4، ص177.
3- وفیات الأعیان لابن خلکان: ج4، ص177.
4- سیر أعلام النبلاء للذهبی: ج5، ص339.

ص: 56

دینار)(1).

إلاّ أن هذا الحال لم یستمر، فقد برهن ابن شهاب الزهری علی تحوله من خدمة البلاط الأموی وعدم الانقیاد لأهوائهم وعدائهم لعلی بن أبی طالب علیه السلام.

ومما یدل علیه:

1 - ما رواه ابن عساکر، والذهبی فی السیر، قائلا: (دخل سلیمان بن یسار علی هشام بن عبد الملک، فقال: یا سلیمان من الذی تولی کبره منهم؟ فقال: هو، عبد الله بن أبی سلول، قال: کذبت هو علی!

فدخل ابن شهاب، فسأله هشام؟

فقال - ابن شهاب -: هو عبد الله بن أبی سلول، قال: کذبت هو علی، فقال: أنا أکذب لا أبالک، فو الله لو نادی مناد من السماء، أن الله أحل الکذب ما کذبت، حدثنی سعید، وعروة، وعبید، وعلقمة بن وقاص، عن عائشة أن الذی تولی کبره عبد الله بن أبی سلول.

قال - سلیمان بن یسار -: فلم یزل القوم - أی هشام بن عبد الملک وحاشیته یغرون به - إلا أنه لم یغر، ولم یرضخ لهم، فقال له هشام: (إرحل فو الله ما کان ینبغی لنا أن نحمل علی مثلک).

قال - الزهری -: ولِمَ؟ أنا اغتصبتک علی نفسی، أو أنت اغتصبتنی علی نفسی فخل عنی.


1- سیر أعلام النبلاء للذهبی: ج5، ص340.

ص: 57

فقال له: لا، ولکنک استدنت ألفی ألف.

فقال - الزهری -: قد علمت، وأبوک من قبلک أنی ما استدنت هذا المال علیک ولا علی أبیک.

فقال هشام: إنا إن نهج الشیخ یهج  الشیخ، فأمر فقضی عنه ألف ألف؛ فأخبر - الزهری - بذلک، فقال: الحمد لله هذا هو من عنده)(1).

ومن البدیهی أن الله عزّ وجل یؤید الذین یقفون بوجه الظلم وینصرون آل بیت نبیهم صلی الله علیه وآله وسلم.

2 - ومما یدل علی تأثر حرکة علم السیرة وتطوره من خلال تدخل البلاط الأموی فی عمل ابن شهاب الزهری فی روایة السیرة وکتابتها، هو ما یأتی:

أ: قال المدائنی فی خبره: وأخبرنی ابن شهاب، قال: (قال لی خالد بن عبد الله القسری - أحد عمال بنی أمیة -: أکتب لی النسب، فبدأت بنسب مضر، وما أتممته.

فقال: اقطعه، اقطعه، قطعه الله مع أصولهم، واکتب لی السیرة.

فقلت له: فإنه یمر بی الشیء من سیر علی بن أبی طالب صلوات الله علیه، فأذکره؟

فقال: لا، إلا أن تراه فی قعر الجحیم، - قال الزهری - لعن الله خالدا ومن ولاه، وصلوات الله علی أمیر المؤمنین)(2).


1- تاریخ مدینة دمشق لابن عساکر: ج55، ص371؛ سیر أعلام النبلاء للذهبی: ج5، ص339؛ تاریخ الإسلام للذهبی: ج8، ص246.
2- الأغانی للاصفهانی: ج22، ص21؛ الفصول المهمة لابن الصباغ المالکی: ج1، ص53؛ أعلام الوری للطبرسی: ج1، ص9.

ص: 58

ولذلک لم یکتب ابن شهاب لبنی أمیة أحادیث فی فضائل أهل البیت علیهم السلام، وهذا یدل فی الواقع علی تقدیم الزهری لسیرة ناقصة وغیر حقیقیة، لأنها فقدت أحد أهم أرکانها، واختفت معها فصول کبیرة ومهمة من حیاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم التی ارتبطت بأهل بیته ولاسیما بعلی بن أبی طالب علیه السلام، فضلاً عن الانجازات التی تلازمت مع وجود علی علیه السلام فی حرکة التبلیغ النبویة فی مکة والمدینة، بل منذ اتخذه النبی الأکرم ربیبا فی صغره یغدو علیه لیلا ونهارا حتی آخر لحظات عمره المقدس حینما تولی غسل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وتکفینه ومواراته فی حفرته(1).

وعلیه: فأی سیرة نبویة یمکن أن تکتب للأجیال المسلمة التی خلفت الزهری، وهی تخلو من ذکر علی بن أبی طالب علیه السلام، کما أراد خالد القسری وأسیاده؟!!

ب: روی المعتزلی فی النهج، قائلا:

(روی عبد الرزاق عن معمر، قال: کان عند الزهری حدیثان عن عروة عن عائشة فی علی علیه السلام، فسألته عنهما یوما، فقال: ما تصنع بهما وبحدیثهما! الله أعلم بهما، إنی لأتهمهما فی بنی هاشم)(2).


1- فتح الباری فی شرح صحیح البخاری لابن حجر العسقلانی: ج8، ص107؛ عمدة القاری للعینی: ج18، ص71؛ الطبقات الکبری لابن سعد: ج2، ص263.
2- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید المعتزلی: ج4، ص64؛ الفصول المهمة لابن الصباغ المالکی: ج1، ص53؛ کتاب الأربعین للقمی الشیرازی: ص290؛ بحار الأنوار للمجلسی: ج30، ص402؛ النص والاجتهاد للسید شرف الدین: ص513؛ شرح إحقاق الحق للسید المرعشی النجفی: ج6، ص219؛ قاموس الرجال للتستری: ج9، ص584.

ص: 59

قال الزهری: إن عروة بن الزبیر - حدثنی -، قال: حدثتنی عائشة قالت: کنت عند رسول الله - صلی الله علیه وآله وسلم - إذ أقبل العباس وعلی - علیه السلام - فقال:

یا عائشة، إن هذین یموتان علی غیر ملتی، أو قال: دینی!

وقال الزهری: إن عروة زعم أنّ عائشة حدثته، قالت: کنت عند النبی صلی الله علیه وآله وسلم إذ أقبل العباس وعلی، فقال: یا عائشة، إن سرک أن تنظری إلی رجلین من أهل النار فانظری إلی هذین قد طلعا، فنظرت، فإذا العباس وعلی بن أبی طالب)(1).

وفی الواقع لو ذکر أحدنا هذا القول وصرح بأن عروة وعائشة متهمان فی بنی هاشم لحکم علیه بالتکفیر من أهل تکفیر المسلمین!؟ لکن الحمد لله الذی جعل کثیرا من الحقائق تجری علی لسان السلف من الصحابة والتابعین.

وهکذا یسیر ابن شهاب الزهری فی نهجه فی کتابة السیرة النبویة الذی اعتمد فیه إخفاء ذکر علی بن أبی طالب علیه السلام لعلمه بعدم رضا آل بنی أمیة ولاحتیاجه إلیهم لم یستطع الزهری أن یدون کثیرا من الحقائق التی کانت من أسس السیرة النبویة، ولطالما کان یصرح بتدخل أولئک الحکام وأشیاعهم فی تغییر حقیقة السیرة النبویة.


1- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: ج4، ص64؛ شرح إحقاق الحق للسید المرعشی قدس سره: ج6، ص219؛ النص والاجتهاد للسید عبد الحسین شرف الدین قدس سره: ص513؛ بحار الأنوار للعلامة المجلسی: ج30، ص402.

ص: 60

ولعل من الشواهد التی تظهر تذمر الزهری أو سخریته من الزمن الذی أصبح فیه بنو أمیة حکاماً وولاة علی المسلمین، هو ما یتعلق بحقیقة من حقائق السیرة النبویة، ألا وهی صلح الحدیبیة، حیث ثبت فی النصوص التاریخیة ومن طرق عدة أن کاتب الکتاب فی صلح الحدیبیة هو الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام(1)، إلا أن هذا الأمر لو عرض علی بنی أمیة لقالوا غیر علی علیه السلام، وهذا یکشف کما قلنا عن تأثر حرکة علم السیرة وتطوره فی العصر الأموی ولاسیما فی دور ابن شهاب فیه.

فقد روی الصنعانی فی المصنف، قائلا: (أخبرنا معمر، قال: سألت عنه، - أی کتاب صلح الحدیبیة من الذی کتبه -؟ فضحک الزهری، وقال: هو علی بن أبی طالب، ولو سألت عنه هؤلاء، قالوا: عثمان، یعنی بنی أمیة)(2).

فهذه الحادثة، کشفت عن عدة أمور ارتبطت بحرکة علم السیرة النبویة وتطوره خلال العصر الأموی وهی کالآتی:

1 - تدخل البلاط الأموی فی روایة السیرة النبویة وکتابتها التی عرفت فی بادئ الأمر ب_(المغازی والسیر).


1- خصائص أمیر المؤمنین علیه السلام للنسائی: ص150؛ المصنف لعبد الرزاق: ج5، ص343، ح9721؛ تفسیر مقاتل بن سلیمان: ج3، ص354؛ الدر المنثور للسیوطی: ج6، ص78؛ الفصول المهمة لابن الجصاص: ج4، ص35؛ بحار الأنوار للمجلسی رحمه الله: ج38، ص321؛ الفصول المهمة لابن الصباغ: ج1، ص53.
2- المصنف لعبد الرزاق الصنعانی: ج5، ص343، ح9722؛ الفصول المهمة لابن الصباغ المالکی: ج1، ص53.

ص: 61

2 - بسبب هذه السیاسة الأمویة تم إخفاء کثیر من الحوادث والمواقف والأدوار وتغییرها فی حیاة النبی الأعظم صلی الله علیه وآله وسلم وما ارتبط به من حیاة الصحابة ولاسیما بنی هاشم والأنصار.

3 - تأثر ابن شهاب الزهری بهذه السیاسة من حیث استجابته لإخفاء جوانب کثیرة من السیرة النبویة والتی انحصرت بدور بنی هاشم فی تکون فصول هذه السیرة، أی إننا لم نحصل الیوم علی سیرة کاملة عن حیاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بل إنها سیرة مخلوطة وتحتوی علی کثیر من الصور غیر الحقیقیة - والتی یطول شرحها ولاسیما حقیقة سریة الدعوة النبویة(1).

4 - إن هذا النهج الذی انتهجه ابن شهاب الزهری فی التعامل مع السیرة النبویة؛ فجعلها بین المطرقة والسندان بین إرضاء بنی أمیة وعدم الاستجابة لهم، انعکس علی شخصیة ابن شهاب مما جعل البعض یصنفه فی قائمة أعداء أهل البیت علیهم السلام، والبعض الآخر أعاب علیه مکوثه فی البلاط الأموی، والآخر رکز علی دوره العلمی فی المدینة)(2). ولعل کثیراً من الباحثین لدیهم المزید من هذه المشاهد التاریخیة التی ترسم ملامح المجتمع المسلم الذی سیطرت علیه مدرسة الحکام الأمویین فضلاً عن الفطرة السقیمة لبعض الرواة الذین کانت قلوبهم تنفر من علی بن أبی طالب علیه السلام وتشمئز نفوسهم عند ذکر آل محمد صلی الله علیه وآله وسلم کما تشمئز من ذکر الله تعالی حیث قال سبحانه فی حال هؤلاء:


1- أنظر کتاب (أبو طالب علیه السلام ثالث من أسلم للمؤلف): حدیث سریة الدعوة النبویة بین حقیقة الواقع ووهم الرواة.
2- الشیعة والسیرة النبویة للمؤلف: ص247 - 255.

ص: 62

((وَإِذَا ذُکِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُکِرَ الَّذِینَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ یَسْتَبْشِرُونَ))(1))(2).

إذن: تطلعنا هذه السیرة من حیاة ابن شهاب الزهری علی دور بنی أمیة فی طلباتهم المتکررة فی قلب النص النبوی لاسیما فیما یتعلق بالإمام علی بن أبی طالب صلوات الله وسلامه علیه، وثباته فی عقیدته فی علی علیه السلام رافضاً تلک الطلبات فی قلبها للنص النبوی والتاریخی وإنکاره لمنهج الاستقلاب.

والذی - کما أسلفنا من خلال البحث - قد أسس علی طلب قلب النص النبوی والتاریخی ولعل إصرار هشام بن عبد الملک وطلبه المصحوب بالتهدید للزهری فی قلب النص التاریخی خیر شاهد علی تطور ظاهرة الاستقلاب فی النص.

رابعاً: اعتماد ابن تیمیة الاستقلاب فی السنة النبویة

لم یکن ابن تیمیة وهو ثمرة بنی أمیة شاذاً عن منهج السلف من طلباتهم فی الرواة والولاة بقلب النص النبوی والتاریخی بل وقلب أسس الإسلام وهدم قواعده.

ولذا: لا نطیل الوقوف فی استقلاب ابن تیمیة للنصوص ونکتفی بشاهد واحد فی طلبه لقلب سنة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فیقول فی منهاج السنة فی باب التشبه بالروافض:

(ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلی ترک بعض المستحبات، إذ صار


1- سورة الزمر، الآیة: 45.
2- تکسیر الأصنام للمؤلف: ص233.

ص: 63

شعاراً لهم - أی الشیعة - فإنه وإن لم یکن الترک واجباً لذلک، لکن فی إظهار ذلک مشابهة لهم، فلا یتمیز السنی من الرافضی، ومصلحة التمییز عنهم لأجل هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة ذلک المستحب)(1).

وهذا الاستقلاب فی السنة جاء صریحاً علی لسان ابن تیمیة فهو یطلب من المسلمین قلب السنة فی کثیر من فصولها وأفعالها بعلة أن هذه السنة النبویة یعمل بها شیعة أهل البیت علیهم السلام ولأنهم یستنون بهذه السنة لزم مخالفتهم؛ فاستقلب أتباع ابن تیمیة السنة نزولاً عند هذه الطلبات.

خامساً: اعتماد بعض أئمة المذاهب الاستقلاب فی السنة النبویة

وفی الحقیقة لم یقتصر الأمر علی ابن تیمیة فی تقدیم الطلبات بتغییر السنة النبویة وقلبها واعتماد المسلمین لهذا الاستقلاب للسنة النبویة، فقد صدرت أحکام فی ذلک فکان منها:

1 - قال مصنف الهدایة:

(إن المشروع التختم بالیمین، ولکن لما اتخذته الرافضة جعلناه فی الیسار)(2).

2 - قال أبو حنیفة وأحمد بن حنبل:

(التسنیم أولی، لأن التسطیح صار شعاراً للشیعة).

والتسنیم هو أن یجعل للقبر حدبة وسنام کسنام البعیر والسبب أن السنة


1- منهاج السنة لابن تیمیة: ج2، ص143.
2- منهاج الکرامة للعلامة الحلی: ص68؛ الصراط المستقیم لعلی بن یونس العاملی: ج3، ص206.

ص: 64

الصحیحة هی تسطیح القبر لکن استقلبت السنة النبویة بطلب أبی حنیفة وأحمد بن حنبل ومالک من التسطیح إلی التسنیم عداوة للشیعة لأنهم اتبعوا سنة رسول الله محمد صلی الله علیه وآله وسلم.

وفی ذلک یقول محمد بن عبد الرحمن الدمشقی فی کتابه رحمة الأمة فی اختلاف الأئمة: (السنة فی القبر التسطیح، وهو أولی من التسنیم علی الراجح من مذهب الشافعی، وقال الثلاثة: (أبو حنیفة، ومالک، وأحمد): (التسنیم أولی، لأن التسطیح صار من شعائر الشیعة))(1).

3 - ومن السنن النبویة التی استقلبت نزولاً عند طلبات فقهاء العامة هی صفة العمامة وشکلها وکیف کانت عمامة النبی صلی الله علیه وآله وسلم.

فقد ذکر الزرقانی فی المواهب اللدنیة فی صفة عمّة النبی صلی الله علیه وآله وسلم - أی العمامة - علی روایة علی علیه السلام فی إسدالها علی منکبیه حین عممه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثم ذکر قول الحافظ العراقی:

(إن ذلک أصبح شعاراً لکثیر من فقهاء الإمامیة فینبغی تجنبه لترک التشبه بهم)(2).

4 - ومن السنن النبویة التی استقلبت أیضاً الجهر بالبسملة؛ فقد روی الفخر الرازی (المفسر الکبیر) عن أبی هریرة أنه قال: (کان رسول الله صلی الله علیه - وآله - وسلم یجهر فی الصلاة ب_(بسم الله الرحمن الرحیم) وکان علی - علیه السلام -


1- رحمة الأمة فی اختلاف الأئمة: ص155.
2- شرح المواهب اللدنیة للزرقانی: ج5، ص13.

ص: 65

یجهر بالتسمیة وقد ثبت بالتواتر.

وقالت الشیعة: السنة هی الجهر بالتسمیة، سواء أکانت فی الصلاة الجهریة أم السریة، وجمهور الفقهاء یخالفونهم - إلی أن قال:

إن علیاً کان یبالغ فی الجهر بالتسمیة، فلما وصلت الدولة إلی بنی أمیة بالغوا فی المنع من الجهر، سعیاً فی إبطال آثار علی - علیه السلام -)(1).

ولم یقتصر الأمر فی طلبات فقهاء بنی أمیة وغیرهم فی قلب سنة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فاستقلبت السنة المحمدیة إلی السنة الأمویة؛ وإنما تعداها کذاک حتی فی الأخلاق والصفات فهی الأخری لم تسلم من طلبات القلب والتغییر فاستقلب الخلق النبوی الکریم إلی خلق بنی أمیة وولاته واستجاب کثیر من المسلمین إلی هذه الطلبات فاستقلبت الصفات النبویة إلی صفات أمویة، وهو ما کشفه قیس بن سعد حینما أعاب معاویة بن أبی سفیان بشاشة علی علیه السلام وکثرة تبسمه ومفاکهته المؤمنین.

فرد علیه قیس بن سعد قائلاً:

(نعم کان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یمزح ویبتسم إلی أصحابه، وأراک تسر حسوا فی ارتغاء، وتعیبه بذلک أما والله لقد کان مع تلک الفکاهة والطلاقة أهیب من ذی لبدتین قد مسه الطوی، تلک هیبة التقوی، لیس کما یهابک طغام أهل الشام.

وقد بقی هذا الخلق متوارثاً متناقلاً فی محبیه وأولیائه إلی الآن، کما بقی


1- مفاتیح الغیب للفخر الرازی: ص90.

ص: 66

الجفاء، والخشونة والوعورة فی الجانب الآخر، ومن له أدنی معرفة بأخلاق الناس، وعوائدهم یعرف ذلک)(1).

وهذه الشواهد والنصوص تثبت حقیقة تغلغل ظاهرة الاستقلاب فی النص التاریخی منذ القرن الأول للهجرة النبویة وإلی یومنا هذا، وإن الناس انساقوا لتلک الطلبات من حیث یشعرون أو لا یشعرون، إلی قلب السنة النبویة بجمیع دقائقها والتی أصبحت ظاهرة حقیقة، بل وسمة أساسیة من سمات الإسلام؛ فقد تفرق المسلمون بفعل هذه المناهج والظواهر التی أسسها السلف وسار علیها الخلف فأصبحوا بفعل ذلک ثلاثاً وسبعین فرقة کلها هالکة إلا فرقة واحدة.

وهی التی رفضت تلک الطلبات ولم ترکع لتلک الرغبات رفضت الباطل فسمیت بالرافضة.

وما هذه الحرب التی تشن قدیماً وحاضراً علی شیعة أهل البیت علیهم السلام إلاّ لکونهم لم ینقادوا لتلک الطلبات فی قلب النص النبوی والتاریخی، بل وقلب السنة المحمدیة.

فتم التنکیل بهم والتحذیر منهم کی لا یکتشف الناس حقیقة السلف.

ومن بین تلک الحقائق: قلب حادثة سد الأبواب وما ورد فیها من نصوص نبویة وتاریخیة تنص علی اختصاصها بعلی علیه السلام.

فاستقلبت هذه الحادثة بفعل تلک الأوامر والطلبات التی صدرت من الولاة وأهل الإفتاء؛ وهو ما سنتناوله فی المبحث الآتی.


1- کتاب الأربعین لمحمد طاهر القمی الشیرازی: ص420.

ص: 67

المبحث الثالث: استقلاب النص فی حادثة سد الأبواب

اشارة

ص: 68

ص: 69

بعد تلک الشواهد التی تناولتها هذه الدراسة بدا واضحاً أن جمیع ما یتعلق بأمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام تم التعامل معه بمنهج الاستقلاب، أی: ما زالت الطلبات تتوالی منذ القرن الأول للهجرة وإلی یومنا هذا بقلب النصوص النبویة والتاریخیة المتعلقة بعلی وعترة النبی صلی الله علیه وآله وسلم بشکل خاص، وبجمیع السنة النبویة بشکل عام، فما من شیء فی الأصول والفروع ومبانیها قد اتفقت علیه المذاهب الإسلامیة جمیعاً وذلک لاعتمادها نصوصاً مقلوبة وأخری مطابقة للواقع وإکسابها رتبة الصحیح الذی لا یخالجه الشک ومن ثم حازت هذه النصوص الصفة الشرعیة التی تلزم المعتقد بها العمل والإثابة.

وتعد حادثة سد الأبواب هی من أکثر الحوادث تعاملاً - بالاستقلاب وذلک لما شکلته هذه الحادثة من دلالات عقدیة خطیرة، فکان منها:

1 - أن الحادثة لم تکن بفعل علی علیه السلام وسعیه فی تحصیلها کبقیة الفضائل المرتکزة علی السبق للإسلام والتصدیق برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ونصره فی ساحات القتال الداخلیة مع المنافقین والخارجیة فی الحروب العسکریة؛ فضلاً عن تفرده فی الطاعة لله ورسوله صلی الله علیه وآله وسلم.

ص: 70

2 - أن هذه الحادثة تکشف عن منزلته عند الله تعالی فقد اختار الله له بیتاً من بیوته لیسکن فیه، بل وأی بیت هو؟! إنه مسجد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم؛ مما ترتب علیه مجموعة من الاستحقاقات والأوسمة:

ألف: فهو مرضی عند الله تعالی، ومن ثم یکون فعله مطابقاً لما یرضی الله تعالی.

باء: إن له حرمة کحرمة بیت الله تعالی، وذلک إن ما یلحق بالمسجد من الأرض والجدران والفرش وغیر ذلک یتعامل معه کما یتعامل مع المسجد.

جیم: إنه طاهر بطهارة المسجد الذی حرم الله للجنب والحائض المکوث فیه.

دال: إن التقرّب منه تقربٌ إلی الله تعالی، أی کما یتخذ المسلم المسجد وسیلة للتقرب إلی الله تعالی کذاک یکون علی بن أبی طالب علیه السلام.

هاء: إن المسجد مورد تعلم الشریعة وکذاک علی علیه السلام.

واو: إن المسجد مقرون بذکر الله وکذاک علی فهو والمسجد من أهل الذکر.

زای: إن المسجد مخصوص بالعمران ومن یعمر مساجد الله فإنها من تقوی القلوب وکذاک ذکر علی علیه السلام من تقوی القلوب.

3 - إن هذا الأمر الإلهی قد حرم جمیع الصحابة مع ما لدی البعض منهم من رصید اجتماعی، وآخر رحمی مع النبی صلی الله علیه وآله وسلم وآخر سببی

ص: 71

کالمصاهرة وغیرها من هذه الامتیازات والأوسمة؛ ومنح علیّ بن أبی طالب علیه السلام خاصة فهو ما لا یحتمله حتی عم النبی صلی الله علیه وآله وسلم حمزة بن عبد المطلب مع ما لدیه من خصوصیة خاصة ومنزلة فی الإسلام.

وذلک لشعوره وإدراکه بما یعنیه أن یکون له بابٌ إلی مسجد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم؛ ولذا جاء إلی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وعیناه تذرفان الدموع.

أما غیره کعمر بن الخطاب وأبی بکر فقد حاولا بکل وسیلة أن یشملهما الاستثناء فلما یئسا من ذلک عمدا إلی منال فتحة صغیرة فی جدار المسجد تختص بهما، ولکن الله منعهما.

وعلیه:

فقد حوربت هذه الحادثة أشد المحاربة لما تشکله من ثقل عقدی فی الإسلام وصدرت من الحکام والولاة الذین جلسوا مجلس رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أوامر وطلبات کثیرة بحرقها وإمحائها ومنع التحدیث بها وقلبها وتغییرها ثم تبعتها فتاوی کثیرة بین رمیها بالوضع والتکذیب والضعف والنفی.

فکان من أبرز أولئک المحاربین ابن تیمیة وسبط ابن الجوزی ونظراؤهما، فی حین وجد آخرون أن لا مفر من إعلان الحرب علی هذه الحادثة مع ما توافر فیها من النصوص فحاول أن یجمع فیما بین ما هو صحیح وما هو مقلوب، عله بذاک یستطیع أن یمرر المقلوب علی الناس.

ص: 72

إذن:

هذه الحادثة تجلت فیها ظاهرة الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی مما دعا ابن أبی الحدید إلی التصریح بهذه الظاهرة واختصاصها فی حادثة سد الأبواب فیقول:

(فلما رأت البکریة ما صنعت الشیعة وضعت لصاحبها أحادیث فی مقابلة هذه الأحادیث نحو (لو کنت متخذاً خلیلاً) فإنهم وضعوه فی مقابلة (حدیث الإخاء)؛ ونحو (سد الأبواب) فإنه کان لعلی علیه السلام فقلبته البکریة إلی أبی بکر)(1).

وهذا الاقلاب فی (سد الأبواب) لم یکن عن محض صدفة وإنما امتثالاً لما أسسه الظالمون الولاة والأمراء الجائرون وبعض أهل الإفتاء الذین أبغضوا علی بن أبی طالب علیه السلام، فحثوا الرواة وبذلوا لهم الأموال فاستقلبوا الحدیث، وجعلوه فی أبی بکر.

وهو ما سنقف عنده فی هذا المبحث ضمن بعض المسائل.

المسألة الأولی: الأسباب التی دعت إلی سد الأبواب

اشارة

إن تتبع الأحادیث النبویة الواردة فی حادثة سد الأبواب ترشد إلی أن العلة التی کانت وراء سد هذه الأبواب وغلقها بأمر الله تعالی کان وراءها کثیر من الأسباب وذلک حسبما نصت علیه هذه الأحادیث فکانت کالآتی:


1- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید المعتزلی: ج11، ص49.

ص: 73

أولاً: کثرة الغرماء فی المسجد، فاتخذوه محلاً للنوم

1 - ویدل علیه ما رواه الشیخ الکلینی عن الإمام أبی جعفر الباقر علیه السلام، أنه قال:

«إن رجلاً کان من الیمامة یقال له: جویبر أتی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم منتجعاً للإسلام فأسلم وحسن إسلامه وکان رجلاً قصیراً ذمیماً محتاجاً عاریاً، وکان من قباح السودان، فضمه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لحال غربته وعریته، وکان یجری علیه طعامه صاعاً من تمر بالصاع الأول وکساء بشملتین، وأمره أن یلزم المسجد ویرقد فیه باللیل، فمکث بذلک ما شاء حتی کثر الغرماء ممّن یدخل فی الإسلام وأهل الحاجة بالمدینة وضاق بهم المسجد، فأوحی الله إلی نبیّه صلی الله علیه وآله وسلم أن طهر مسجدک وأخرج من المسجد من یرقد فیه باللیل، ومر بسدّ أبواب کل من کان له فی مسجد باب إلاّ باب علی ومسکن فاطمة، ولا یمرّ فیه جنب، ولا یرقد فیه غُرب.

قال: فأمر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عند ذلک بسدّ أبوابهم إلا باب علی علیه السلام وأقرّ مسکن فاطمة علیها السلام علی حاله»(1).

والحدیث الشریف یظهر أن العلة فی نزول أمر الله تعالی بسد هذه الأبواب هو إحداث الجنابة فیه من قبیل الاحتلام أو العلاقة الزوجیة حیث شرع بعض الصحابة بفتح أبواب لهم إلی المسجد یدخلون ویخرجون منها وهم علی جنابة ونساؤهم علی حیض.

فأمر الله تعالی بإخراج الغرباء وسد هذه الأبواب جمیعاً واستثنی باب علی وفاطمة صلوات الله علیهما).


1- الکافی للکلینی: ج5، ص240.

ص: 74

2 - روی ابن مردویه عن حذیفة بن أسید الغفاری، قال:

(لما قدم أصحاب النبی صلی الله علیه وآله وسلم المدینة لم یکن لهم بیوت، وکانوا یبیتون فی المسجد، فقال لهم النبی صلی الله علیه وآله وسلم:

«لا تبیتوا فی المسجد، فتحتلموا».

ثم إن القوم بنوا بیوتاً حول المسجد، وجعلوا أبوابها إلی المسجد؛ ثم إن النبی صلی الله علیه وآله وسلم بعث إلیهم معاذ بن جبل، فنادی أبا بکر، فقال: إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یأمرک أن تسد بابک الذی فی المسجد، ولتخرج منه.

فقال: سمعاً وطاعة.

ثم أرسل إلی حمزة فسدّ بابه، وقال: سمعاً وطاعة لله، ولرسوله، وعلی متردد لا یدری أهو فیمن یقیم أو فیمن یخرج، وکان النبی صلی الله علیه وآله وسلم قد بنی له فی المسجد بیتاً بین أبیاته، فقال له النبی صلی الله علیه وآله وسلم:

«أسکن طاهراً مطهراً».

فبلغ حمزة قول النبی صلی الله علیه وآله وسلم لعلی، فقال: یا محمد، أخرجتنا وتمسک غلماناً من بنی عبد المطلب، فقال له:

«لو کان الأمر لی ما جعلت دونکم من أحد، والله ما أعطاه إیاه إلا الله، وإنک لعلی خیر من الله ورسوله»)(1).

والملاحظ فی الروایة أن سبب تردد الإمام علی علیه السلام هو أن النبی


1- مناقب علی بن أبی طالب لابن مردویه الإصفهانی: ص144.

ص: 75

صلی الله علیه وآله وسلم کان قد أرسل إلیهم معاذ بن جبل فبلغهم ولم یبلغ علیاً فأصبح علیه السلام لا یدری أهو معنی بذلک أم لا، فإن کان معنیّاً فلماذا لم یبلغه معاذ بن جبل، وإذا کان غیر معنی فکیف سیواجه الناس لو سألوه عن عدم سده بابه، ولکن النبی صلی الله علیه وآله وسلم حسم الموضوع وأظهر العلة فی بقائه بقوله صلی الله علیه وآله وسلم له:

«أسکن طاهراً مطهراً».

أی انتفاء العلة المانعة من بقائه.

3 - عن عبد الله بن مسعود، قال: (انتهی إلینا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ذات لیلة ونحن فی المسجد جماعة بعدما صلینا الضحی، فقال:

«ما هذه الجماعة؟».

قالوا: یا رسول الله قعدنا نتحدث، منّا من یرید الصلاة، ومنّا من ینام، فقال:

«إنّ مسجدی هذا لا ینام فیه، انصرفوا إلی منازلکم، ومن أراد الصلاة فلیصل فی منزله راشداً، ومن لم یستطع فلینم، فإن صلاة السرّ تضعف علی صلاة العلانیة».

قال: فقمنا وتفرقنا وفینا علی بن أبی طالب فقام معنا.

قال: فأخذ بید علی وقال:

«أمّا أنت فإنه یحل لک فی مسجدی ما یحل لی، ویحرم علیک ما یحرم علیّ».

فقال له حمزة بن عبد المطلب: یا رسول الله أنا عمک وأنا أقرب إلیک من علی! قال:

ص: 76

«صدقت یا عم إنّه والله ما هو منی إنما هو عن الله عزّ وجل»)(1).

ثانیاً: لمنع أن یجنب فی المسجد واستثنی علیاً لأنه طاهر مطهر کرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم

یتضح من خلال الروایات الشریفة أن السبب الرئیس فی سد الأبواب کان لغرض تحقیق حرمة المسجد فی صونه من النجاسات وتحقیق عنصر الطهارة کسمة ملازمة لبیوت الله عزّ وجل.

ولذا: منع النبی صلی الله علیه وآله وسلم بأمر من الله تعالی - کما ورد فی النصوص السابقة - الغرباء الذین کانوا حدیثی عهد بالإسلام وقدموا المدینة ولم یکن لهم مأوی غیر المسجد النبوی، أو من کان من المهاجرین الذین لم یجدوا قریباً لهم أو مالاً یسعفهم فی إیجاد سکن فی المدینة فلم یکن لهم سوی المسجد محلاً ینامون فیه.

وبکلتا الحالتین أخرجَ هؤلاء ومنعوا بأمر الله تعالی من النوم فی المسجد مما یتقاطع مع طهارته فیما لو أن أحدهم، احتلم وهو نائم فأجنب.

ویبدو أن منع النوم کان تمهیداً لصدور الأمر الإلهی فی غلق أبواب الصحابة الشارعة إلی المسجد، أی: کی یفهم الصحابة أن الأمر متعلق بطهارة المسجد لا بعلة النوم، وإنما کان النوم فیه وسیلة لحدوث الجنابة فمنعت الوسیلة.

وکذا فتح هذه الأبواب وترکها شارعة فی المسجد یمنع تحقق حرمة المسجد فی وجوب طهارته، لأن الأصل فی هذه المساجد أنها طاهرة، ولذا یلزم منع انتهاک الطهارة وحدوث النجاسة بشتی صورها؛ ومنها دخول الصحابة


1- الغدیر للعلامة الأمینی: ج3، ص212.

ص: 77

ونسائهم وهم علی جنابة من هذه الأبواب.

وعلیه: وجب سدها جمیعاً، وهو ما ورد فی النصوص النبویة الآتیة:

1 - روی الصدوق عن أبی رافع، أنه قال:

(إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم خطب الناس فقال:

«یا أیها الناس، إن الله عزّ وجل أمر موسی وهارون أن یبنیا لقومهما بمصر بیوتاً، وأمرهما أن لا یبیت فی مسجدهما جنب، ولا یقرب فیه النساء إلا هارون وذریته، وإن علیاً منی بمنزلة هارون من موسی فلا یحل لأحد أن یقرب النساء فی مسجدی ولا یبیت فیه جنب إلاّ علی وذریته، فمن ساءه ذلک فهاهنا».

وضرب بیده نحو الشام)(1).

2 - وروی ابن المغازلی عن حذیفة بن أسید الغفاری، قال:

(لما قدم أصحاب النبی صلی الله علیه وآله وسلم المدینة لم یکن لهم بیوت یسکنون فیها فکانوا یبیتون فی المسجد.

فقال لهم النبی صلی الله علیه وآله وسلم:

«لا تبیتوا فی المسجد فتحتلموا».

ثم إن القوم بنوا بیوتاً حول المسجد وجعلوا أبوابها إلی المسجد، وإن النبی صلی الله علیه وآله وسلم بعث إلیهم معاذ بن جبل، فنادی أبا بکر فقال له: إن رسول الله یأمرک أن تخرج من المسجد وتسدّ بابک الذی فیه.

فقال: سمعاً وطاعة، فسدّ بابه وخرج من المسجد.


1- علل الشرائع للصدوق: ج1، ص210، ح2.

ص: 78

ثم أرسل إلی عمر فقال له: إن رسول الله یأمرک أن تسدّ بابک الذی فی المسجد تخرج منه.

فقال: سمعاً وطاعة لله ولرسوله.

ثم أرسل إلی عثمان وعنده رقیة، فقال: سمعاً وطاعة، فسدّ بابه وخرج من المسجد.

ثم أرسل إلی حمزة فسدّ بابه، وقال: سمعاً وطاعة لله ولرسوله.

وعلی علی ذلک متردد لا یدری أهو ممّن یقیم أو ممّن یخرج، وکان النبی صلی الله علیه وآله وسلم قد بنی له بیتاً فی المسجد بین أبیاته، فقال له النبی صلی الله علیه وآله وسلم:

«أسکن طاهراً مطهراً».

فبلغ حمزة قول النبی لعلی علیه السلام فقال: یا رسول الله تخرجنا وتسکن غلمان بنی عبد المطلب.

فقال له نبی الله:

«لو کان الأمر إلیّ ما جعلت من دونکم من أحد، والله ما أعطاه إیاه إلا الله، وإنک لعلی خیر من الله ورسوله، أبشر».

بشره النبی صلی الله علیه وآله وسلم، فقتل بأحد شهیداً.

ونفس ذلک رجال علی علی، فوجدوا فی أنفسهم، وتبین فضله علیهم وعلی غیرهم من أصحاب النبی صلی الله علیه وآله وسلم، فبلغ ذلک النبی، فقام خطیبا وقال:

ص: 79

«إن رجالا یجدون فی أنفسهم فی أن أسکن الله علیاً فی المسجد، والله ما أخرجتهم ولا أسکنته، إن الله سبحانه وتعالی أوحی إلی موسی وأخیه:

((...أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِکُمَا بِمِصْرَ بُیُوتًا وَاجْعَلُوا بُیُوتَکُمْ قِبْلَةً وَأَقِیمُوا الصَّلاة...))(1).

وأمر موسی أن لا یسکن مسجده ولا ینکح فیه ولا یدخله إلا هارون وذریته، وأن علیاً منی بمنزلة هارون من موسی، وهو أخی دون أهلی، ولا یحل مسجد لأحد ینکح فیه النساء إلاّ علی وذریته، فمن ساءه فهاهنا».

وأومأ بیده نحو الشام)(2).

والحدیثان الشریفان ینصان علی منع إحداث الجنابة أو الحیض فی المسجد سواء کان من خلال الاحتلام أو مقاربة النساء، فمنعهم الله تعالی وحرم علیهم النوم فی المسجد وفتح أبوابهم إلیه، واستثنی الله تعالی رسوله ووصیه وفاطمة والحسن والحسین علیهم الصلاة والسلام، وذلک لارتفاع المانع فیهم، أی إنهم طاهرون مطهرون بإرادة الله تعالی وهو ما نص علیه الوحی فی قوله تعالی:

((...إِنَّمَا یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیرًا))(3).

وفضلاً عما تنص علیه الآیة المبارکة فقد ورد عنه صلی الله علیه وآله وسلم ما یسیر جنباً إلی جنب مع الآیة المبارکة فی بیان حقیقة طهر علی وفاطمة


1- سورة یونس، الآیة: 87.
2- مناقب ابن المغازلی: ص253 - 255؛ الطرائف: ص63، ح61.
3- سورة الأحزاب، الآیة: 33.

ص: 80

والحسن والحسین والتسعة المعصومین من ذریته صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین، فکان منها ما یلی:

ألف: روی الکوفی عن محمد وعبد الرحمن ابنی جابر، عن أبیهما قال:

(کنا نیاماً فی المسجد وفینا علی بن أبی طالب، فخرج علینا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فقال:

«أتنامون فی مسجدی؟ إنه لا ینام فی مسجدی».

قال: فخرجنا وخرج علی معنا، قال صلی الله علیه وآله وسلم:

«إلاّ أنت یا علی، أنت لیس کهیئتهم، إنه یحل لک فی المسجد ما یحل لی»)(1).

باء: روی الشیخ الصدوق (عن أبی الصلت الهروی علیهم الرحمة والرضوان عن الإمام الرضا صلوات الله علیه وعلی آبائه وأبنائه الکرام فی حدیث طویل له مع المأمون العباسی، فمما جاء فیه، عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنه قال:

«إنّ هذا المسجد لا یحل لجنب إلاّ لمحمد وآله»)(2).

جیم: روی الشیخ الصدوق رحمه الله بسنده (عن الإمام علی بن موسی الرضا علیه السلام عن آبائه علیهم السلام، عن أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین، قال:


1- مناقب الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام: ج2، ص465.
2- عیون أخبار الرضا علیه السلام: ج1، ص210.

ص: 81

«قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم: لا یحل لأحد أن یجنب فی هذا المسجد إلاّ أنا وعلی وفاطمة والحسن والحسین کما ومن کان من أهلی فإنهم منی»)(1).

دال: روی الترمذی (عن أبی سعید الخدری، قال: قال رسول الله صلی الله علیه - وآله - وسلم:

«یا علی لا یحل لأحد یجنب فی هذا المسجد غیری وغیرک»)(2).

هاء: أخرج البیهقی (عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلی الله علیه - وآله - وسلم:

«ألا إن مسجدی حرام علی کل حائض من النساء وکل جنب من الرجال إلاّ علی محمد وأهل بیته علی وفاطمة والحسن والحسین»)(3).

وهذه الأحادیث ترشد إلی السبب الذی أدی إلی تحریم فتح الأبواب الشارعة فی المسجد والمبالغة فی سدها.

ثالثا: إن النبی صلی الله علیه وآله وسلم سأل الله أن یطهر مسجده له ولعلی وأولاده کما سأل موسی الکلیم وهارون ذلک

ولکن هناک حدیثاً آخر یظهر أن من بین الأسباب فی غلق الأبواب هو دعاء النبی صلی الله علیه وآله وسلم إلی الله تعالی أن یخص علی بن أبی طالب علیه السلام کما خص موسی الکلیم وأخاه هارون وأولاده بالتطهیر، کما ترشد إلیه الروایة الآتیة:


1- الأمالی للصدوق: ص413.
2- صحیح الترمذی: ج5، ص303، ح3811.
3- السنن الکبری للبیهقی: ج7، ص65؛ تفسیر الثعلبی: ج3، ص313.

ص: 82

1 - (قال صلی الله علیه وآله وسلم:

«إن موسی سأل الله تعالی أن یطهر مسجده - لا یسکنه إلا موسی وهارون وأبناء هارون - وإنی سألت الله تعالی أن یطهر مسجدی لک ولذریتک من بعدک....»(1).

ثم أرسل إلی أبی بکر: (أن سد بابک) فاسترجع ثم قال: سمعاً وطاعة، فسد بابه، ثم أرسل إلی عمر، ثم أرسل إلی العباس بمثل ذلک.

ثم قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم:

«ما أنا سددت أبوابکم وفتحت باب علیّ، ولکنّ الله فتح باب علی وسد أبوابکم»).

2 - وأخرج البزار (عن الإمام أمیر المؤمنین علی - علیه السلام - قال:

«قال النبی صلی الله علیه وآله وسلم: انطلق ومرهم فلیسدوا أبوابهم، فانطلقت فقلت لهم، ففعلوا إلا حمزة؟!

فقلت یا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قد فعلوا إلا حمزة. فقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم: قل لحمزة فلیحول بابه، فقلت: إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یأمرک أن تحول بابک، فحوله»)(2).


1- رسائل الشریف المرتضی: ج4، ص97؛ الغدیر للأمینی:
2- مسند أحمد بن حنبل: ج5، ص180، برقم 3061؛ المعجم الکبیر للطبرانی: ج12، ص78، برقم 12593؛ صحیح الترمذی بشرح ابن عربی المسمی ب_(عارضة الأحوذی): ج13، ص174، برقم 3736؛ سد الأبواب للسیوطی: ص14؛ مجمع البحرین للهیثمی: ج6، ص291، ح3727؛ مختصر فتح الباری لابن حجر العسقلانی: ج7، ص18؛ المعجم الأوسط للطبرانی: ج3، ص389، برقم 2836؛ مختصر المستدرک للحاکم: ج3، ص132 - 134، من طریق أحمد، وقال صحیح الإسناد ووافقه الذهبی؛ مجمع الزوائد للهیثمی: ج9، ص120؛ خصائص أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام للنسائی: ص61 - 64؛ وفاء الوفاء للسمهودی: ج2، ص218؛ سنن الترمذی: ج5، ص641، برقم 1385.

ص: 83

وهذا یدل علی أن أبوابهم کانت واحدة ولم یکن لهم بابان ولذا أمرهم النبی صلی الله علیه وآله وسلم بتحویل هذه الأبواب ونقلها إلی خارج المسجد ومما یدل علیه الحدیث الآتی:

أخرج أحمد والترمذی والنسائی (عن ابن عباس، قال:

سد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أبواب المسجد غیر باب علی، وکان یدخل المسجد وهو جنب، وهو طریقه، ولیس له طریق غیره)(1).

المسألة الثانیة: اعتراضات الصحابة علی أمر الله ورسوله صلی الله علیه وآله وسلم فی الحادثة

حینما أدرک الصحابة لاسیما أولئک الذین کانت لهم أبواب إلی المسجد النبوی بخطورة هذا التشریع الإلهی فی رفعه لمنزلة علی بن أبی طالب علیه السلام ومنحه خصوصیة لم تمنح لأحد منهم فی إقراره فی قلب المسجد وإلزامهم بالأسلوب العملی بأن علی بن أبی طالب طاهر کطهارة المسجد، وإن القاصی والدانی منهم، والمؤمن والمنافق، والحر والعبد والکهل والفتی، والرجال والنساء یشاهدون هذه الامتیازات والفضائل والصفات المرتبطة بهذا البقاء لعلی وفاطمة وولدیهما فی بیت الله.

مما یعنی: تحقیق مکاسب عقدیة وشرعیة واجتماعیة لعلی وأهل بیته، ولم


1- المعجم الکبیر للطبرانی: ج2، ص246.فتح الباری فی شرح صحیح البخاری لابن حجر: ج7، ص18، وقال: أخرجه الطبرانی، وأخرجه عن الطبرانی أیضا الحافظ السیوطی فی سد الأبواب: ص14؛ وفاء الوفاء للسمهودی: ج2، ص223؛ القول المسدد لابن حجر: ص30.

ص: 84

یکن لأحدهم أن ینال عشر معشار منها؛ ومن ثم کیف لا ینتفض أولئک علی الأمر الإلهی والفعل النبوی فی إخراجهم من المسجد وإسکان علی فیه، وغلق أبوابهم وترک بابه.

من هنا: نجد کثیراً من النصوص الشریفة تتحدث عن اعتراضات الصحابة علی هذا الأمر الإلهی فکانت کالآتی:

1 - روی الشیخ الصدوق (عن ابن عباس قال:

لما سدّ رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الأبواب الشارعة إلی المسجد إلا باب علی، ضجّ أصحابه من ذلک فقالوا: یا رسول الله لم سددت أبوابنا وترکت باب هذا الغلام؟ فقال:

«إن الله تبارک وتعالی أمرنی بسدّ أبوابکم وترک باب علی، فإنما أنا مت_ّبع لما یوحی إلیّ من ربی»)(1).

2 - أخرج أحمد والنسائی والحاکم وصححه عن زید بن أرقم، قال:

(کان لنفر من أصحاب النبی صلی الله علیه وآله وسلم أبواب شارعة فی المسجد، فقال یوما: سدّوا هذه الأبواب إلا باب علی؛ فتکلم أناس فی ذلک.

فقال النبی صلی الله علیه وآله وسلم بعد الحمد والثناء علی الله:

«أما بعد فإنی أمرت بسد هذه الأبواب غیر باب علی، فقال فیه قائلکم، وإنی والله ما سددت شیئاً ولا فتحته، ولکنی أمرت بشیء فأتبعته»)(2).


1- علل الشرائع: ج1، ص201.
2- مسند أحمد بن حنبل: ج6، ص530، من سند الکوفیین، برقم 19502؛ السنن الکبری للنسائی: برقم 8423، وأخرجه أیضا فی الخصائص: ص73؛ المستدرک علی الصحیحین للحاکم: ج3، ص125؛ مجمع الزوائد للهیثمی: ج9، ص114؛ کفایة الطالب للکنجی الشافعی: ص203؛ ترجمة الإمام علی من تاریخ دمشق لابن عساکر: ج1، ص255، برقم 324 و325؛ وفاء الوفاء للسمهودی: ج2، ص217 - 218؛ مناقب علی بن أبی طالب لابن المغازلی: ص257، برقم 305؛ تذکرة الخواص لسبط ابن الجوزی: ص41؛ ینابیع المودة للقندوزی: ص870؛ الحادی للفتاوی للسیوطی: ج2، ص57؛ شد الأثواب فی سد الأبواب للحافظ السیوطی: ص12؛ فتح الباری بشرح صحیح البخاری لابن الجوزی: ج7، ص17؛ مشکل الآثار للطحاوی: برقم 3561؛ فتح الباری لابن حجر: ج7، ص17.

ص: 85

3 - أخرج أحمد والنسائی وأبو یعلی والبزار والطبرانی فی الأوسط (بسند حسن(1)، وقیل: رجاله ثقات(2)، من سعد بن أبی وقاص قال: (أمر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بسد الأبواب الشارعة فی المسجد، وترک باب علی، فقالوا: یا رسول الله سددت أبوابنا کلها إلا باب علی؟! قال:

«ما أنا سددت أبوابکم ولکن الله سدها»)(3).

4 - أخرج الطبرانی (عن ابن عباس نحوه، وزاده: فقال الناس فی ذلک، فبلغ النبی صلی الله علیه وآله وسلم، فقال:

«ما أنا أخرجتکم من قبل نفسی، ولا أنا ترکته، ولکن الله أخرجکم وترکه، إنما أنا عبد مأمور، ما أمرت به فعلت».


1- شد الأثواب للسیوطی: ص12.
2- فتح الباری بشرح صحیح البخاری لابن حجر: ج7، ص17.
3- مسند أحمد: ج3، ص98 - 99، برقم 1511؛ خصائص أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب للنسائی: برقم 41؛ مسند أبی یعلی الموصلی: ج2، ص61 - 62، برقم 703؛ مسند البزار: ج3، ص68، وجاء فیه: لفظ الخوخة عوض الباب؛ المعجم الأوسط للطبرانی: ج4، ص553، برقم 3942؛ کشف الأستار للهیثمی: ج3، ص195، برقم 2551؛ مجمع البحرین لنور الدین الهیثمی: ج6، ص268 - 269، برقم 3694؛ سد الأبواب للحافظ السیوطی: ص12؛ مجمع الزوائد للهیثمی: ج9، ص114؛ القول المسدد للحافظ ابن حجر العسقلانی: ص5 - 6، وص17 - 23؛ وفاء الوفاء للسمهودی: ج2، ص217.

ص: 86

((...إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ مَا یُوحَی إِلَیَّ...))(1))(2).

5 - أخرج الشیخ الصدوق، وابن المغازلی، وابن البطریق، وغیرهم (عن أسید بن حذیفة الغفاری قال: إن النبی صلی الله علیه وآله وسلم أمّ خطیباً فقال:

«إن رجالاً لا یجدون فی أنفسهم أن أسکن علیاً فی المسجد وأخرجهم، والله ما أخرجتهم وأسکنته، بل الله أخرجهم وأسکنه، إن الله عزّ وجل أوحی إلی موسی وأخیه:

((...أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِکُمَا بِمِصْرَ بُیُوتًا وَاجْعَلُوا بُیُوتَکُمْ قِبْلَةً وَأَقِیمُوا الصَّلاةَ...))(3).

ثم أمر موسی أن لا یسکن مسجده ولا ینکح فیه ولا یدخله جنب إلا هارون وذریته، وإن علیاً منی بمنزلة هارون من موسی وهو أخی دون أهلی ولا یحل لأحد أن ینکح فیه النساء، إلاّ علی وذریته فمن ساءه فها هنا».

وأشار بیده نحو الشام)(4).

6 - قال الحافظ السیوطی: (أخرج ابن مردویه(5)، عن أبی الحمراء وحبة العرنی، قالا:


1- سورة الأحقاف، الآیة: 9.
2- المعجم الکبیر للطبرانی: ج12، ص114، برقم 14722؛ مجمع الزوائد للهیثمی: ج9، ص150 - 151، برقم 14677؛ شد الأثواب للسیوطی: ص13.
3- سورة یونس، الآیة: 87.
4- علل الشرائع: ج1، ص201، ح3؛ المناقب لابن المغازلی: ص208؛ عمدة العیون لابن البطریق: ص179.
5- مناقب علی بن أبی طالب علیه السلام لابن مردویه: ص326.

ص: 87

أمر رسول الله صلی الله علیه - وآله - وسلم أن تسد الأبواب فی المسجد فشق علیهم، قال حبة: إنی لأنظر إلی حمزة بن عبد المطلب، وهو تحت قطیفة حمراء وعیناه تذرفان وهو یقول:

أخرجت عمک وأبا بکر عمر والعباس، وأسکنت ابن عمک.

فقال رجل یومئذ: ما یألوا برفع ابن عمه، قال: فعلم رسول الله صلی الله علیه - وآله - وسلم إنه قد شق علیهم فدعا الصلاة جامعة فلما اجتمعوا صعد المنبر، فلم یسمع لرسول الله خطبة قط کان أبلغ منها تمجیداً وتوحیداً، فلما فرغ قال:

«یا أیها الناس، ما أنا سددتها ولا أنا فتحتها ولا أنا أخرجتکم وأسکنته».

ثم قرأ:

((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَی * مَا ضَلَّ صَاحِبُکُمْ وَمَا غَوَی * وَمَا یَنْطِقُ عَنِ الْهَوَی * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْیٌ یُوحَی))(1))(2).

7 - عن الإمام الحسن المجتبی علیه السلام قال:

«قال لأصحابه: ألا أنبئکم ببعض أخبارنا؟».

قالوا: بلی یا بن أمیر المؤمنین، قال:

«إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لمّا بنی مسجده بالمدینة وأشرع فیه بابه، وأشرع المهاجرون والأنصار (أبوابهم) أراد الله عزّ وجلّ إبانة محمد وآله الأفضلین بالفضیلة، فنزل جبرئیل علیه السلام عن الله


1- سورة النجم، الآیات: 1 - 4.
2- الدر المنثور للسیوطی: ج6، ص122؛ البحار للمجلسی: ج36، ص118؛ کشف الغمة للأربلی: ج1، ص327.

ص: 88

تعالی بأن سدّوا الأبواب عن مسجد رسول الله قبل أن ینزل بکم العذاب، فأول من بعث إلیه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یأمره بسدّ الأبواب العباس بن عبد المطلب.

فقال: سمعاً وطاعة لله ولرسوله، وکان الرسول معاذ بن جبل.

ثم مرّ العباس بفاطمة علیها السلام فرآها قاعدة علی بابها، وقد أقعدت الحسن والحسین علیهما السلام، فقال لها: ما بالک قاعدة؟ انظروا إلیها کأنها لبوة بین یدیها جرواها تظن أن رسول الله یخرج عمّه، ویدخل ابن عمّه.

فمرّ بهم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فقال لها: ما بالک قاعدة؟

قالت: أنتظر أمر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بسدّ الأبواب.

فقال لها: إن الله تعالی أمرهم بسدّ الأبواب، واستثنی منهم رسوله، إنما أنتم نفس رسول الله.

ثم إن عمر بن الخطاب جاء فقال: إنی أحب النظر إلیک یا رسول الله إذا مررت إلی مصلاک، فأذن لی فی فرجة أنظر إلیک منها؟

فقال صلی الله علیه وآله وسلم: قد أبی الله عزّ وجل ذلک.

قال: فمقدار ما أضع علیه وجهی.

فقال صلی الله علیه وآله وسلم: قد أبی الله ذلک.

قال: فمقدار ما أضع علیه إحدی عینی.

فقال صلی الله علیه وآله وسلم : قد أبی الله ذلک، ولو قلت: قدر طرف إبرة لم آذن لک، والذی نفسی بیده ما أنا أخرجتکم ولا أدخلتهم، ولکن الله أدخلهم وأخرجکم.

ثم قال صلی الله علیه وآله وسلم: لا ینبغی لأحد یؤمن بالله والیوم الآخر أن یبیت فی هذا المسجد جنباً إلا محمد وعلی وفاطمة والحسن والحسین والمنتجبین من آلهم، الطیبون من أولادهم».

ص: 89

قال علیه السلام:

«فأمّا المؤمنون فقد رضوا وسلّموا، وأمّا المنافقون فاغتاظوا لذلک وأنفوا، ومشی بعضهم إلی بعض یقولون فیما بینهم: ألا ترون محمداً لا یزال یخص بالفضائل ابن عمه لیخرجنا منها صفرا؟ والله لئن أنفذنا له فی حیاته لنأبین علیه بعد وفاته!».

وجعل عبد الله بن أبی یصغی إلی مقالتهم ویغضب تارة، ویسکن أخری ویقول لهم: إن محمداً لمتأله، فإیاکم ومکاشفته، فإن من کاشف المتأله انقلب خاسئاً حسیراً، وینغص علیه عیشه، وإن الفطن اللبیب من تجرع علی الغصة لینتهز الفرصة.

فبینا هم کذلک إذ طلع علیهم رجل من المؤمنین یقال له: زید بن أرقم، فقال لهم: یا أعداء الله أبالله تکذبون، وعلی رسوله تطعنون ودینه تکیدون؟ والله لأخبرن رسول الله بکم.

فقال عبد الله بن أبی والجماعة: والله لئن أخبرته بنا لنکذبنّک، ولنحلفن له فإنه إذاً یصدقنا، ثم والله لنقیمنّ علیک من یشهد علیک عنده بما یوجب قتلک أو قطعک أو حدّک.

قال علیه السلام: فأتی زید رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فأسرّ إلیه ما کان من عبد الله بن أبی وأصحابه، فأنزل الله تعالی: ((...وَلا تُطِعِ الْکَافِرِینَ...))، المجاهرین لک یا محمد فیما دعوتهم إلیه من الإیمان بالله، والموالاة لک ولأولیائک والمعاداة لأعدائک، ((... وَالْمُنَافِقِینَ...)) الذین یطیعونک فی الظاهر، ویخالفونک فی الباطن ((...وَدَعْ أَذَاهُمْ...)) بما یکون منهم من القول السیئ فیک

ص: 90

وفی ذویک (( وَتَوَکَّلْ عَلَی اللَّهِ)) فی إتمام أمرک وإقامة حجتک.

فإن المؤمن هو الظاهر بالحجة وإن غلب فی الدنیا، لأن العاقبة له لأن غرض المؤمنین فی کدحهم فی الدنیا إنما هو الوصول إلی نعیم الأبد فی الجنة، وذلک حاصل لک ولآلک ولأصحابک وشیعتهم.

ثم إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لم یلتفت إلی ما بلغه عنهم، وأمر زیداً فقال له:

«إن أردت أن لا یصیبک شرّهم ولا ینالک مکرهم فقل إذا أصبحت: أعوذ بالله من الشیطان الرجیم، فإن الله یعیذک وشرّهم، فإنّهم شیاطین یوحی بعضهم إلی بعض زخرف القول غروراً.

وإذا أردت أن یؤمنک بعد ذلک من الغرق والحرق والسرق فقل إذا أصبحت:

بسم الله ما شاء الله لا یصرف السوء إلا الله، بسم الله ما شاء الله لا یسوق الخیر إلا الله، بسم الله ما شاء الله ما یکون من نعمة فمن الله، بسم الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم، بسم الله ما شاء الله وصلی الله علی محمد وآله الطیبین.

فإن من قالها ثلاثاً إذا أصبح، أمن من الحرق والغرق والسرق حتی یمسی.

ومن قالها ثلاثاً إذا أمسی، أمن من الحرق والغرق والسرق حتی یصبح، وإن الخضر وإلیاس علیهما السلام یلتقیان فی کل موسم، فإذا تفرقا تفرقا عن هذه الکلمات.

وإن ذلک شعار شیعتی، وبه یمتاز أعدائی من أولیائی یوم خروج قائمهم».

قال الإمام الباقر علیه السلام:

ص: 91

«لمّا أمر العباس بسدّ الأبواب، وأذن لعلی علیه السلام فی ترک بابه جاء العباس وغیره من آل محمد صلی الله علیه وآله وسلم فقالوا: یا رسول الله ما بال علی یدخل ویخرج؟

قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم: ذلک إلی الله فسلموا له تعالی حکمه، هذا جبرئیل جاءنی عن الله عزّ وجلّ بذلک»(1).

8 - وروی أن العباس قال لفاطمة علیها السلام: (انظروا إلیها کأنها لبوءة بین یدیها جرواها تظن أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یخرج عمه ویدخل ابن عمه! وجاءه حمزة یبکی ویجر عباءه الأحمر فقال له کما قال للعباس.

فقال عمر: دع لی خوخة أطلع منها إلی المسجد، فقال صلی الله علیه وآله وسلم:

«لا، ولا بقدر اصبعة».

فقال أبو بکر: دع لی کوة أنظر إلیها، فقال صلی الله علیه وآله وسلم:

«لا، ولا رأس إبرة».

فسأل عثمان مثل ذلک فأبی)(2).

9 - وفی بعض الروایات: أنه لمّا قدم المهاجرون إلی المدینة بنوا حوالی مسجده بیوتاً فیها أبواب شارعة فی المسجد ونام بعضهم فی المسجد، فأرسل النبی معاذ بن جبل فنادی: أن النبی یأمرکم أن تسدّوا أبوابکم إلا باب علی.

فأطاعوه إلا رجل، قال: فقام رسول الله فحمد الله وأثنی علیه.


1- مناقب ابن شهر آشوب: ج2، ص38؛ بحار الأنوار: ج39، ص28.
2- وفاء الوفا بأخبار دار المصطفی: ج1، ص478.

ص: 92

وحدّث أبو الحسن العاصمی الخوارزمی، عن أبی البیهقی، عن أحمد بن جعفر، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبیه، عن محمد بن جعفر، عن عون، عن عبد الله بن میمون، عن زید بن أرقم: أنه قال النبی صلی الله علیه وآله وسلم:

«أمّا بعد، فإنی أمرت بسدّ هذه الأبواب غیر باب علی، فقال فیه قائلکم، فانی والله ما سدّدت شیئاً ولا فتحته، ولکن أمرت بشیء فاتبعته».

ذکره أحمد فی الفضائل(1).

10 - عن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسین ابن محمد بن الحسین العلوی العدل، قال: حدثنا علی بن عبد الله بن مبشر، قال: حدثنا إبراهیم بن عبد الرحمان بن دنوقا، قال: حدثنا هوذة بن خلیفة عن میمون ابن عبد الله، عن البراء بن عازب قال: کان لنفر من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أبواب شارعة فی المسجد، وأن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال:

«سدّوا هذه الأبواب غیر باب علی».

قال: فتکلم فی ذلک ناس قال: فقام رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فحمد الله وأثنی علیه، ثم قال:

«أمّا بعد، فإنی أمرت بسدّ هذه الأبواب غیر باب علی، فقال فیه قائلکم وإنی والله ما سدّدت شیئاً ولا فتحت، ولکنی أمرت بشیء، فاتبعته»(2).

11 - وبالإسناد المقدم، قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: أخبرنا الحسین بن


1- مناقب ابن شهر اشوب: ج2، ص36.
2- أمالی الصدوق: ص413، ح537.

ص: 93

محمد العدل، قال: حدثنا محمد بن محمود، قال: حدثنا الحسین بن سلام السواق قال: حدثنا عبد الله بن موسی، قال: حدثنا قطر بن خلیفة، عن عبد الله بن شریک عن عبد الله بن الرقیم، عن سعد: أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم أمر بسدّ الأبواب، فسدّت وترک باب علی، فاتاه العباس، فقال: یا رسول الله، سدّدت أبوابنا وترکت باب علی؟ فقال صلی الله علیه وآله وسلم:

«ما أنا فتحتها ولا أنا سدّدتها»(1).

12 - حدثنا عثمان بن سعید قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا المنبه ابن عبد الله التیمی قال: حدثنا عبید الله بن موسی قال: حدثنا أبو میمون، عن عیسی الملائی قال: دخلت علی علی بن الحسین فقلت: حدثنی عن الأبواب سمعت من أبیک فیها شیئاً؟

قال: حدثنی أبی الحسین بن علی عن علی أنه قال: أخذ رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یدی ثم أرسل إلی أبی بکر أن سدّ بابک.

فاسترجع ثم قال: هل فعل بهذا بأحد قبلی؟

قال: «لا».

قال: سمعاً وطاعة، فسدّه.

ثم أرسل إلی عمر سدّ بابک فقال: هل فعل بأحد قبلی؟

قیل: «نعم بأبی بکر».

فقال: إن لی بأبی بکر أسوة، فسدّ بابه.


1- مناقب ابن المغازلی: ص257.

ص: 94

ثم أرسل إلی العباس: سدّ بابک، فغضب غضباً شدیداً ثم قال: ارجع إلی النبی صلی الله علیه وآله وسلم فقل: ألیس عمّ الرجل صنو أبیه؟

قال: «بلی، ولکن سدّ بابک».

فلما سمعت فاطمة سدّ الأبواب خرجت فجلست علی بابها تنتظر من یرسل إلیها بسدّ الباب، فخرج العباس ینتظر هل یُسدّ باب علی، فرأی فاطمة جالسة والحسن والحسین معها فقال: قد خرجت وبسطت ذراعیها مثل الأسد وأخرجت جرویها.

وخاض الناس فی سدّ الأبواب وفتح باب علی، فلما سمع النبی صلی الله علیه وآله وسلم ذلک صعد المنبر فقال:

«ما الذی تخوضون فیه؟ ما أنا بالذی سدّدت أبوابکم وفتحت باب علی ولکن الله سدّ أبوابکم وفتح باب علی»(1).

13 - من مسند ابن حنبل، بالإسناد المقدم، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنی أبی، قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا عوف، عن میمون ابن عبد الله، عن زید بن أرقم، قال: کان لنفر من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، أبواب شارعة فی المسجد، فقال یوماً:

«سدّوا هذه الأبواب إلا باب علی».

قال: فتکلم فی ذلک أناس، قال: فقام رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فحمد الله، وأثنی علیه، ثم قال:


1- مناقب الکوفی: ص460، ح956.

ص: 95

«أمّا بعد، فإنی أمرت بسدّ هذه الأبواب إلا باب علی وقال فیه قائلکم، وإنی والله ما سدّدت شیئاً ولا فتحته، ولکنی أمرت بشیء، فاتبعته»(1).

فضلاً عن ذلک فهذه الأسباب تکشف عن جملة من الأمور:

1 - إن وجود حمزة بن عبد المطلب یفید بأن الحادثة کانت قبل وقوع معرکة أحد.

وذلک أن حمزة بن عبد المطلب کان استشهاده فی هذه المعرکة.

2 - إن الحادثة وقعت بعد السنة الثانیة للهجرة النبویة ولعلها تقارب الثالثة وذلک أن علیّاً علیه السلام تزوّج من فاطمة علیها السلام فی السنة الثانیة وقد أسکنهما النبی صلی الله علیه وآله وسلم فی الحجرة التی بناها لفاطمة علیها السلام، وأنزلها فیها وکانت إلی جنب حجرته صلی الله علیه وآله وسلم، وهی الیوم فی الروضة(2).

3 - إن السبب الأساس فی سدّ الأبواب إظهار منزلة علی وفاطمة علیهما السلام التکوینیة، فقد خلقهما الله طاهرین مطهرین فیحل لهما فی المسجد ما یحل لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وهما ورسول الله من طینة واحدة؛ لا یتنجسون بجنابة فکان بقاؤهم فی المسجد لارتفاع المانع وهی النجاسة وإنما یغتسلون من الجنابة إجراءً للسنة وامتثالاً لشریعة الله تعالی.

4 - إن الاعتراضات الشدیدة من الصحابة بما فیهم حمزة بن عبد المطلب


1- مسند أحمد: ج4، ص369؛ العمدة: ص175، ح270.
2- لمزید من الاطلاع ینظر کتاب باب فاطمة بین سلطة الشریعة وشریعة السلطة للمؤلف.

ص: 96

سببها حرمانهم من هذا التشریف وإظهار التی لم تکن إلا لمن ارتبط وجوده وظهوره وفعله وقوله الله وباجتباء واصطفاء واختیار إلهی.

وهو ما جعله الله فی محمد وعترته صلی الله علیه وآله وسلم.

وعلیه:

فقد تم محاربة هذه الحادثة منذ وقوعها سواء من خلال الاعتراضات الشدیدة التی تسببت فی غضب النبی صلی الله علیه وآله وسلم أو من خلال قلب الحادثة بفعل الطلبات التی کانت تصدر عن الحکام إلی الرواة فاستقلبت الحادثة غیرت مجریاتها وأسباب وقوعها وتخصیصها فی رجل آخر والسعی الحثیث فی إثباتها فیه وهو أبو بکر.

فی المقابل سعی کثیر من أعلام مدرسة الصحابة والمذاهب الإسلامیة فی تضعیف الأحادیث الواردة فی هذه الحادثة والتی تنص علی اختصاصها بعلی علیه السلام واتهام رواتها بالوضع وأنها من وضع الرافضة.

کل ذلک یسیر جنباً إلی جنب فی آلیة الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی الذی أسس له منذ عهد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وأقیم فی عهد أبی بکر وعمر وعثمان وعمم العمل به فی عهد معاویة وبنی مروان فاعتمده الخلف شاکرین بذاک ما أسسه السلف.

فکان استقلاب الحادثة بناءً علی ما تقدم فی البحث علی النحو الآتی فی المسألة القادمة.

ص: 97

المسألة الثالثة: استقلاب حدیث سد الأبواب

اشارة

قبل بیان ما رواه الرواة فی حدیث سد الأبواب مستقلبین الحدث لابد من الرجوع إلی ما کتبه معاویة بن أبی سفیان إلی الولاة طالباً منهم تعمیم قلب الأحادیث علی المسلمین کافة کما ینص علیه قوله: (ولا تترکوا خبرا یرویه أحد من المسلمین فی أبی تراب إلاّ وتأتونی بمناقض له فی الصحابة فإن هذا أحب إلیّ وأقر لعینی وأدحض لحجة أبی تراب وشیعته)(1).

وعلیه: یصبح من البدیهی أن یمتثل کثیرٌ منهم إلی هذا الطلب فتستقلب النصوص النبویة والتاریخیة ولاسیما حدیث سد الأبواب لما فیه من سمات عدیدة مرّ ذکرها سابقاً.

فکان النص الجدید للحادثة بعد استقلابه علی النحو الآتی:

أولاً: روایة أبی سعید الخدری المستقلبة فی حادثة سد الأبواب

أخرج البخاری فی الجامع الصحیح فی باب الخوخة والممر فی المسجد، (عن أبی سعید الخدری قال: خطب النبی صلی الله علیه وآله وسلم:

«إن الله سبحانه خیر عبداً بین الدنیا وبین ما عنده، فاختار ما عند الله».

فبکی أبو بکر، فقلت فی نفسی ما یبکی هذا الشیخ إن یکن الله خیر عبداً بین الدنیا وبین ما عنده، فاختار ما عند الله فکان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم هو العبد، وکان أبو بکر أعلمنا.

فقال صلی الله علیه وآله وسلم:


1- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید المعتزلی: ج11، ص45.

ص: 98

«یا أبا بکر لا تبک إن أمنّ الناس علیّ فی صحبته وماله أبو بکر ولو کنت متخذاً خلیلاً من أمتی لاتخذت أبا بکر ولکن أخوة الإسلام ومودته لا یبقین فی المسجد باب إلا سد، إلا باب أبی بکر»)(1).

والذی یهمنا من الحدیث هو ما جاء فی خصوص سد الأبواب، أی:

(لا یبقین فی المسجد باب إلا سد، إلا باب أبی بکر).

والسؤال المطروح فی البحث هو سبب صدور هذا الحدیث عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ولاسیما وإنه یتعلق بحکم شرعی، والحکم الشرعی یرتبط بالعنوان فما من حکم شرعی إلاّ وله عنوان یستند إلی صدوره فی المشرع سبحانه أو رسوله الأعظم صلی الله علیه وآله وسلم، إلاّ وله عنوان؛ فضلاً عن سبب الصدور کما جاء فی الآیات القرآنیة والأحادیث النبویة.

وهنا:

کان سبب صدور الحدیث (النبوی) هو بکاء أبی بکر الذی یتساءل عن سبب وقوعه الشاهد للحدث متعجباً ومستغرباً من هذا البکاء لاسیما وإنه صلی الله علیه وآله وسلم یتحدث (هنا) عن بیان منزلته وشأنه عند الله تعالی فما من أحدٍ من الخلق قد خیره الله تعالی بین الآخرة وما عند الله وبین الدنیا سوی سید الأنبیاء والمرسلین صلی الله علیه وآله وسلم ومن ثم فالسبب فی البکاء مستغرب ومن ثم فالسبب فی صدور هذا الحدیث لا علاقة له بأمره صلی الله علیه وآله وسلم بسد الأبواب فی المسجد.


1- صحیح البخاری، باب الخوخة والممر فی المسجد: ج1، ص120.

ص: 99

نعم: یمکن أن نقول ولو مجازاً إن له علاقة بالخلة والصحبة وذلک لبکاء أبی بکر لأنه سمع أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم قد خیره الله بین الآخرة والدنیا، وهذا أولاً.

ثانیاً: ما هو عنوان الحکم الشرعی فی غلق الأبواب الشارعة  إلی المسجد وعدم الجواز لأحدٍ من الصحابة إلاّ لأبی بکر؟ وقد مرّ علینا کثیر من الأحادیث وهی تذکر بوضوح وبیان لا یختلف فیه اثنان من المسلمین فی أن العلة فی سد أبواب الصحابة هی لمنع حدوث الجنابة فی المسجد، ومنه منعهم من النوم فیه، وهذا لمن لم یکن له دار فی المدینة.

واستثنی فی ذلک علیّاً علیه السلام، أی من النوم فی المسجد ومقاربة الزوجة وکلاهما مما یحقّق الجنابة وذلک لکونه طاهراً مطهراً، فهو «لیس کهیأتهم»، وهو «نفس النبی صلی الله علیه وآله وسلم»، و«یحل له ما یحل لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم».

ثانیاً: روایة عکرمة عن ابن عباس المستقلبة فی حادثة سد الأبواب

أخرج البخاری (عن عکرمة البربری عن ابن عباس، قال:

خرج رسول الله صلی الله علیه - وآله - وسلم فی مرضه الذی مات فیه عاصباً رأسه بخرقة فقعد علی المنبر، فحمد الله وأثنی علیه ثم قال:

«إن_ّه لیس من الناس أحد آمن علی فی نفسه وماله من أبی بکر بن أبی قحافة، ولو کنت متّخذاً من الناس خلیلاً لاتخذت أبا بکر خلیلاً، ولکن خلة الإسلام أفضل، سدوا عین کل خوخة فی هذا المسجد غیر خوخة

ص: 100

أبی بکر»)(1).

والحدیث قد کثر فیه الکلام والبیان لدی شراح البخاری وغیرهم ممن أسس لعقیدة شأنیة الصحابة فضلاً عن حجیة خلافة أبی بکر وتفضیله.

غیر أن علماء الإمامیة وغیرهم قد توقفوا فیه وأظهروا فساد سنده، فعکرمة البربری غنی عن التعریف لدی أصحاب التراجم والجرح والتعدیل؛ إذ یکفی من شأنه أنه کان یری رأی الخوارج، وفضلاً عن التصریح بکذبه وغیرها من الصفات، وهذا أولاً.

وثانیاً: فإن متن الحدیث مفترق کسابقه عن بیان عنوان الحکم الشرعی فی سد هذه الخوخات، واستثناء خوخة أبی بکر.

ثالثاً: ورد فی الحدیث قوله صلی الله علیه وآله وسلم - علی فرض أن الحدیث صادر عنه صلی الله علیه وآله وسلم، لفظ:

«سدوا عنی کل خوخة فی هذا المسجد».

والسؤال المطروح لماذا قال (عنی)، ما علاقة هذه الخوخات به، ومتی فتحت، ومن أصحابها، وما تأثیرها علیه صلی الله علیه وآله وسلم، فقد حصرها صلی الله علیه وآله وسلم به ولیس بالمسجد کما کان فی الأبواب الشارعة فی المسجد والتی اتّخذها الصحابة ممراً لهم وهم جنب؟ أسئلة کثیرة سیمر جوابها فیما یلی:


1- صحیح البخاری، باب فضل استقبال القبلة: ج1، ص120.

ص: 101

ثالثاً: محاولة ابن حجر تمریر استقلاب حدیث سد الأبواب

لم تتوقف ظاهرة الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی فی زمن من الأزمان والظاهر أنها لن تتوقف، وذلک لما توارثه الخلف عن السلف فی العقیدة بما هو صحیح سنده وإن خالف القرآن والسنة فضلاً عن التأرجح فی حب علی بن أبی طالب علیه السلام وبغضه وإن أخفاه البعض خوفاً أو أظهره تقرباً أو تبجحاً.

ولذا:

حینما نأتی إلی ابن حجر العسقلانی (المتوفی سنة 852ه_) کأحد أبرز شراح البخاری نجده یحاول تمریر الاستقلاب فی النص النبوی مع علمه بأن حقیقة الحدث وعلة وقوعه هی طهارة المسجد النبوی وإظهار شأنیة آل محمد صلی الله علیه وآله وسلم التی اعتمدها الوحی والنبی صلی الله علیه وآله وسلم.

وعلیه:

فهذه الشأنیة کان القرآن خلفها أولاً وآخراً ولم یکن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم والعیاذ بالله لیشذ عن منهج القرآن وما أراده الله تعالی ولذا: کان یعلن لهم مراراً وبألفاظ متعددة ومعنی واحد لا یختلف فیه عاقلان آمنا بالله ورسوله صلی الله علیه وآله وسلم أن الأمر من الله، وما هو إلاّ وحی یوحی فیتبع ما یوحی إلیه وینفذ ما یؤمر به.

فهذه الثوابت أدرکها ابن حجر العسقلانی کما أدرکها غیره، ولکن: (استنکرتها قلوبهم) وکرهوا إظهارها، وقد قال سبحانه وتعالی:

ص: 102

((...أَنُلْزِمُکُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا کَارِهُونَ))(1).

من هنا:

نجد ابن حجر یحاول تمریر الاستقلاب لحادثة سد الأبواب فیقول:

(وأما سد الخوخ فالمراد به - أی: الخوخ، طاقات کانت فی المسجد یستقربون الدخول منها فأمر النبی صلی الله علیه وآله وسلم فی مرض موته بسدها إلا خوخة أبی بکر وفی ذلک إشارة إلی استخلاف أبی بکر لأنه یحتاج إلی المسجد کثیراً دون غیره!!!

وظهر بهذا الجمع أن لا تعارض، فکیف یدعی الوضع علی الأحادیث الصحیحة بمجرد هذا التوهم! ولو فتح هذا الباب لرد الأحادیث، لادعی فی کثیر من الأحادیث الصحیحة البطلان ولکن یأبی الله ذلک والمؤمنون)(2).

والملاحظ فی قول ابن حجر الذی یکشف عن اعتماد ظاهرة الاستقلاب وتثبیتها فی التعامل مع النص النبوی والتاریخی، قوله:

(ولو فتح هذا الباب لرد الأحادیث لادعی فی کثیر من الأحادیث الصحیحة البطلان، ولکن یأبی الله ذلک والمؤمنون).

ونقول:

فأما الله سبحانه فإنه یأبی الباطل؛ ولکن أهل الباطل یأبون إظهار الحقائق وطمس کل ما هو صحیح وأما المؤمنون بالله ورسوله والیوم الآخر فهم أکثر


1- سورة هود، الآیة: 28.
2- القول المسدد فی مسند أحمد لابن حجر: ص31.

ص: 103

الناس حرصاً علی محاربة الباطل وإظهار الصدق وإن کان هذا الصدق یصطدم مع صحیح محمد بن إسماعیل؛ إذ المؤمنون یسألون یوم القیامة عن صحیح حدیث رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ولیس صحیح محمد بن إسماعیل البخاری فما اعتقده البخاری بأنه صحیح فهو عند ابن حجر وغیره صحیح، وإن کان الراوی الذی یخرج له البخاری کهؤلاء، وهم:

1 - من کفر بالله تعالی ک_(جبیر بن معطم)(1).

2 - ومن کان زعیماً للخوارج ک_(عمران بن حطان)(2).

3 - ولمن اشتهر بالکذب ک_(إسماعیل بن أبی أویس)(3).

4 - ولمن کان خارجیاً وکذاباً ووضاعاً ک_(عکرمة البربری)(4).


1- اخرج له البخاری فی باب الوقوف بعرفة: ج2، ص175، وقد نص ابن حجر علی ان الحدیث الذی أخرجه البخاری لجبیر بن مطعم کان حال کفره؛ قال ابن حجر: «وأفادت هذه الروایة أن روایة جبیر له لذلک کانت قبل الهجرة وذلک قبل أن یسلم جبیر». فتح الباری لابن حجر: ج3، ص412.
2- أخرج له البخاری فی صحیحه، باب: لبس الحریر للرجال وقدر ما یجوز منه.
3- أخرج له البخاری فی الصحیح فی ستة عشر موضعاً، وکذا أخرج له مسلم فی الصحیح علی الرغم من اعتراف إسماعیل بن أبی أویس بأنه یکذب علی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم متعمداً قائلاً: «ربما کنت أضع الحدیث لأهل المدینة إذا اختلفوا فی شیء فیما بینهم». أنظر: «سؤالات البرقانی، للدار قطنی: ص48؛ سیر أعلام النبلاء للذهبی: ج10، ص394؛ تهذیب التهذیب لابن حجر: ج1، ص273.
4- أخرج له البخاری فی مواضع کثیرة من صحیحه: وقد صرح مصعب الزبیری بأن: «عکرمة یری رأی الخوارج»، أنظر: «تهذیب التهذیب لابن حجر: ج7، ص236». وصرّح بکذبه عبد الله بن عمر حینما قال لنافع: «اتق الله ویحک یا نافع ولا تکذب علی کما کذب عکرمة علی ابن عباس». أنظر: «تهذیب التهذیب: ج7، ص236»، وکذبه عطاء، أنظر: «السنن الکبری للبیهقی: ج1، ص273، باب: الرخصة فی المسح وکذبه سعید بن جبیر، أنظر: «المصنف لعبد الرزاق: ج8، ص92، باب: کراء الأرض».

ص: 104

5 - ولمن کان یقبض المال علی روایة الحدیث ک_(یعقوب بن إبراهیم)(1).

6 - ولمن وصف بالجهالة والضعف ک_(أسباط أبو الیسع البصری)(2).

7 - ولمن عرف بالتدلیس، وهم لا حصر لهم فی جامع البخاری(3).


1- أخرج له البخاری فی خمسین موضعاً فی صحیحه فی شتی الأبواب، ولقد صرح النسائی، والخطیب البغدادی، والحافظ المزی بأن یعقوب بن إبراهیم کان یقبض المال علی الأحادیث، قال النسائی فی إخراجه لحدیث رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم: «لا یبولن أحدکم فی الماء الدائم ثم یغتسل منه». (کان یعقوب لا یحدث بهذا الحدیث إلا بدینار». أنظر: السنن الکبری للنسائی: ج1، ص75، من باب: ماء الثلج والبرد؛ الکفایة فی علم الروایة للخطیب البغدادی: ص188، تهذیب الکمال للمزی: ج31، ص458.
2- أخرج  له البخاری فی الصحیح، کتاب البیوع، ج3، ص8، وقد نص علی جهالته أبو حاتم والمزی، وسلیمان بن خلف الباجی. أنظر: «الجرح والتعدیل لعبد الرحمن بن أبی هاشم: ج1، ص333؛ تهذیب الکمال للمزی: ج2، ص359، التعدیل والتجریح لسلیمان بن خلف الباجی: ج1، ص391. ونص علی ضعفه ابن حجر العسقلانی فی التقریب، فقال: أسباط أبو الیسع البصری: یقال اسم أبیه عبد الواحد، ضعیف، له حدیث واحد متابعة فی البخاری، من التاسعة. أنظر: «تقریب التهذیب: ج1، ص77».
3- أخرج البخاری فی الصحیح لأشخاص عرفوا بالتدلیس، عدهم البعض بثمانیة وستین راویا، وقد أخرج لهم ما یقارب ستة آلاف ومائتین واثنین وسبعین ما بین روایة أو تعلیق، وهی نسبة مهولة، تعنی ان أکثر من تسعین بالمائة من أحادیثه وروایاته قد نقلها من قبل أناس اشتهروا بالتدلیس. للمزید من الاطلاع أنظر: تکسیر الأصنام بین تصریح النبی صلی الله علیه وآله وسلم وتعتیم البخاری للمؤلف؛ فضائل أهل البیت بین تحریف المدونین وتناقض مناهج المحدثین للشیخ وسام البلداوی: ص187 - 189.

ص: 105

فهؤلاء (الرواة) یأبون فتح الباب لرد الأحادیث کی لا یظهر البطلان فی کثیر من الأحادیث الصحیحة عند البخاری وغیره، ولیس الله تعالی من یأبی ذلک:

((سُبْحَانَهُ وَتَعَالَی عَمَّا یَقُولُونَ عُلُوًّا کَبِیرًا))(1).

وعلیه:

لم یظهر ابن حجر العلة الشرعیة فی صدور هذا الحکم الإلهی فی سد هذه الخوخات، کما لم یظهر ابن حجر العلة التی کانت وراء أمر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بسدها عنه.

بمعنی آخر:

إن الأحادیث السابقة کانت العلة فی التشریع متعلقة فی طهارة المسجد، أما هنا فالعلة متعلقة برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، ولذا قال:

«سدوا عنی کل خوخة فی هذا المسجد».

فإما أن هذه الخوخات کانت تؤذی النبی صلی الله علیه وآله وسلم فأمر بسدها وهو مما یعنی دخول جمع من الصحابة فی إیذاء رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، مما یعنی أیضاً وبحسب حکم القرآن إنهم ملعونون؛ وذلک لقوله تعالی:

((إِنَّ الَّذِینَ یُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِی الدُّنْیَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِینًا))(2).


1- سورة الإسراء، الآیة: 43.
2- سورة الأحزاب، الآیة: 57.

ص: 106

وإما أنهم استحدثوها بعد أن أمرهم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بسد الأبواب فی بادئ الأمر حینما نزل الأمر الإلهی لهم وکان فیهم حمزة بن عبد المطلب، فعمدوا إلی مخالفته صلی الله علیه وآله وسلم وعصیان أمره فقاموا بفتح هذه الخوخات لهم وبما فیهم أبو بکر فأوقعهم الراوی فی حکم العصیان لأمره صلی الله علیه وآله وسلم وأثبته فی حقهم، وقد قال تعالی:

((...وَمَنْ یَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِینًا))(1).

إلاّ أنه صلی الله علیه وآله وسلم وبحسب سیاق الروایة عفا عن أبی بکر فی مخالفته لأمره الأول، لکنه لم یعفُ عن الصحابة الذین استحدثوا هذه الخوخات فأمرهم مرة ثانیة بسدها عنه دون بیان العلة لهذا الأمر.

وإما أن الحادثة مستقلبة وقد علم بذلک ابن حجر وغیره فحاول تمریر هذا الاستقلاب؛ وذلک من خلال القول بالجمع فیما بین حادثة سد الأبواب إلاّ باب علی علیه الصلاة والسلام وبین حدیث سد الخوخات إلاّ خوخة أبی بکر، معتمداً فی ذاک علی محاولات سبقته فی هذا الاستقلاب اعتمدها کلٌّ من أبی بکر الکلاباذی والطحاوی وهو ما سنتناوله بالبحث فی (رابعاً).

رابعاً: الجمع بین حدیث سد الأبواب المخصوص بباب الإمام علی وباب أبی بکر لا یصح!؟

اشارة

قبل أن نتناول فی هذا البحث الأدلة التی تثبت بطلان حدیث: «لو کنت متخذا خلیلا» وما ورد فیه من ألفاظ، کطریقة أقصر فی الوصول إلی النتیجة وهی: استحالة الجمع بین الحدیثین، فقد رغبت أولا بطرح الأدلة التی تؤکد عدم صحة


1- سورة الأحزاب، الآیة: 36.

ص: 107

الجمع بین الحدیثین کی یخرج القارئ الکریم بمحصلة یقینیة ألا وهی أن الحادثة لم تکن إلا فی خصوص باب علی علیه الصلاة والسلام فهو الباب الذی استثناه الله تعالی من السد.

وأن حدیث: (لو کنت متخذا خلیلا)، (وما ورد فیه من استثناء لباب أبی بکر) هو من صناعة الولاة والحکام والساسة الذین اعتمدوا الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی.

وأن المقصود به هو النبی المصطفی صلی الله علیه وآله وسلم والشریعة قبل الإمام علی علیه السلام.

ألف: طریقة الجمع التی أوردها الطحاوی والکلاباذی، واستحسنها الحافظ ابن حجر العسقلانی

ومحصل الجمع: أن الأمر بسد الأبواب وقع مرتین ففی الأولی: استثنی علیّاً علیه السلام لما ذکره من کون بابه کان إلی المسجد، ولم یکن له غیره.

وفی الثانیة: استثنی أبا بکر، ولکن لا یتم ذلک إلا بأن یحمل ما فی قصة علی علی الباب الحقیقی, وما فی قصة أبی بکر علی الباب المجازی، والمراد به: الخوخة، کما صرّح به فی بعض طرقه وکأنهم لما أمروا بسد الأبواب فسدّوها، وأحدثوا خوخا یستقربون الدخول إلی المسجد منها، فأمروا بعد ذلک بسدّها، فهذه طریقة لا بأس بها فی الجمع بین الحدیثین المذکورین(1).


1- مشکل الآثار للطحاوی: ج9، ص178 - 198؛ فتح الباری بشرح صحیح البخاری لابن حجر: ج7، ص17 - 18؛ وفاء الوفاء للسمهودی: ج2، ص220 - 221؛ بحر الفوائد، المعروف ب_(معانی الأخبار) للکلابذی البخاری: ج1، ص110؛ شد الأثواب بسد الأبواب للحافظ السیوطی: ص51 - 16.

ص: 108

ونقول: بل کلها بأس للأدلة التالیة:

1 - لا یمکن لأی عاقل أن یترک ما هو حقیقی - أی باب علی علیه السلام - ویتمسک بما هو مجازی لا یستند إلا إلی الظن.

((...وَإِنَّ الظَّنَّ لا یُغْنِی مِنَ الْحَقِّ شَیْئًا))(1).

2 - إن الدلیل علی وجود هذه الخوخات التی أحدثها الصحابة، هو دلیل ظنی، والدلیل الظنی لا یقف أمام حجیة القطع بوجود أبوابهم الشارعة فی المسجد، والتی أمروا بسدها إلا باب علی علیه السلام، کما هو مقرر عند علماء الأصول.

3 - إن الاعتقاد بوجود هذه الخوخات، وأن الصحابة أحدثتها، یوقع جمیع صحابة النبی صلی الله علیه وآله وسلم بالإثم ومعصیة الرسول الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم، لأن الله تبارک وتعالی، قد أمرهم جمیعا بسد أبوابهم، ولم یجز لأحد منهم فتح خوخة أو شباک أو کوة، ولا حتی مقدار ثقب إبرة.

کما یدل علیه الحدیث الآتی:

(إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أمر بسدّ الأبواب الشوارع فی المسجد، قال له رجل من أصحابه: یا رسول الله دع لی کوة أنظر إلیک منها حین تغدو وحین تروح، فقال صلی الله علیه وآله وسلم:

«لا والله ولا مثل ثقب الإبرة»)(2).


1- سورة النجم، الآیة: 28.
2- وفاء الوفاء للسمهودی: ج2، ص223 - 224؛ وجاء فیه قوله: (وأسند ابن زبالة ویحیی عن طریقه عن عمرو بن سهل - ثم أورد الحدیث _).

ص: 109

وقد عقّب السمهودی علی هذا الحدیث بقوله:

(وقد اقتضی ذلک المنع من الخوخة أیضا، بل ومما دونها، عند الأمر بسد الأبواب أولا - أی: عند ترک باب الإمام علی علیه السلام -)(1).

وعلیه: فکیف یمکن الاعتقاد بأن الصحابة قد عصوا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وأحدثوا هذه الخوخات!؟

من أجل تمریر حدیث (لو کنت متخذاً خلیلاً) الذی صیغ بید الساسة لغرض مکاسب شخصیة کما لا یخفی.

باء: طریقة أخری للجمع عند الکلاباذی

باء: طریقة أخری للجمع عند الکلاباذی(2)

وطریقة الجمع کانت بهذه الصورة وهی:

(إنّ أبا بکر کان له باب من خارج المسجد وخوخة داخل المسجد، وبیت علی لم یکن له باب إلا من داخل المسجد)(3).

وقد جاء السمهودی بنفس هذا الجمع مع بعض الإضافة فیقول:

(وأما علی فلم یکن بابه إلا من المسجد، وإن الشارع صلی الله علیه وآله وسلم خصه بذلک، وجعل طریقه إلی بیته المسجد لما سبق، فباب أبی بکر هو


1- المصدر السابق.
2- هو محمد بن إبراهیم بن یعقوب الکلابذی البخاری (المتوفی سنة 384 ه_)،أنظر: برو کلمان فی تاریخ الأدب العربی: ج1، ص200، وملحقه: ج1، ص360؛ معجم المؤلفین لکحاله: ج8، ص212 - 213.
3- فتح الباری بشرح صحیح البخاری لابن حجر: ج7، ص18.

ص: 110

المحتاج إلی الاستثناء، ولذلک اقتصر الأکثر علیه)(1).

ونقول: لا وجود لهذه الأکثریة للأدلة الآتیة:

1 - إن عدم وجود باب لبیت أبی بکر داخل المسجد غیر صحیح؟ بدلیل ما جاء فی الحدیث:

(من أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم بعث إلی أبی بکر یأمره بسد بابه، فلما جاءه الأمر استرجع، ثم قال: سمعا وطاعة)، کما مر ذکره.

فلو کان لأبی بکر باب واحدة وهی خارج المسجد لما بعث النبی صلی الله علیه وآله وسلم یأمره بسد باب بیته، وکما یقال عند المناطقة: سالبة بانتفاء الموضوع.

2 - أن القول بوجود خوخة لأبی بکر داخل المسجد یوقع أبا بکر فی المعصیة والمخالفة لأمر الله ورسوله؛ لأن النبی الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم أمرهم جمیعا بسد الأبواب والخوخات وکل فتحة فی جدار المسجد، فکیف یبقی أبو بکر هذه الخوخة ولم یقمْ بسدها بعد أن أمره رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

ولذا: نحن مؤمنون بأن هذه الخوخة لا وجود لها أصلا، وإنما الذی کان یوجد هو باب لبیت أبی بکر شارعة فی المسجد کما کان لبعض الصحابة، فأمرهم الله عز وجل جمیعا بسد هذه الأبواب إلا باب علی علیه السلام.

3 - أما قول السمهودی: بأن باب أبی بکر هو المحتاج إلی الاستثناء، فهذا


1- وفاء الوفاء: ج2، ص220 - 221.

ص: 111

یعارض ما جاء فی صحیح البخاری: من أن الحدیث الوارد باستثناء باب أبی بکر کان فی مرض النبی صلی الله علیه وآله وسلم أی: قبل وفاته بینما هذا الاحتیاج فی الاستثناء الذی ذکره السمهودی یلزم أن یکون بعد بناء المسجد النبوی فی السنة الثانیة للهجرة، وهو الوقت الذی نزل فیه الأمر الإلهی بسد الأبواب إلا باب علی علیه السلام، فأی احتیاج هذا؟! وباب من الذی استثنی؟!

4 - قد ذهب کثیر من العلماء إلی أنّ: الصحیح الذی نصت علیه أحادیث البخاری، هو الخوخة ولیست الباب.

وعلیه: فلا وجود لباب أبی بکر عند وفاة النبی صلی الله علیه وآله وسلم! ولا خوخة قبل وفاته صلی الله علیه وآله وسلم، لأن الخوخة عند ابن حجر وغیره محمولة علی الباب المجازی.

5 - أما قولهم: إن بیت علی لم یکن له باب إلا من المسجد ولأجله استثناه الشارع صلی الله علیه وآله وسلم!!؟ فهذا وإن لم یکن هو السبب والعلة التی من اجلها أمروا بسد أبوابهم إلا أنه أقوی فی الحجة علی الخصم والمعارض لحقیقة استثناء باب علی، إذ یکون بذلک إقراراً من الشارع المقدس بجواز مرور علی علیه السلام وهو جنب، وأن یبیت فی المسجد حاله فی ذلک حال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، وأنه طاهر مطهر، وأنه لیس کهیأتهم، سواء کان بیته فی المسجد أو لم یکن، ینام فیه أو لم ینم، وذلک أن العلة فی الجنابة ولیست بالبیت کما هو واضح.

وبهذه الأدلة جمیعا لا یمکن أن یتحقق الجمع، إذ محال أن یجتمع الحق مع الباطل.

ص: 112

خامساً: البحث فی حدیث (لا یبقین فی المسجد باب إلا سد إلا باب أبی بکر) یدل علی أنه موضوع وکذب علی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم

قد رأینا أولا الأسباب والدواعی التی دعت إلی إغلاق الأبواب واستثناء باب علی وفاطمة علیهما السلام التی جاء بها الوحی.

ثم انتقلنا إلی البحث: فی إمکانیة الجمع بین الحدیثین والنتیجة التی ظهرت باستحالة الجمع بینهما لأن أحدهما حق والآخر باطل.

وکی یخرج القارئ الکریم بقناعة کبیرة علی بطلان حدیث «لا یبقین فی المسجد باب إلا سد، إلا باب أبی بکر»!؟ فقد قمنا بطرح هذا الحدیث علی مائدة البحث العلمی فکانت النتیجة هی:

1 - الاختلاف بین ألفاظ الأحادیث الواردة فی القصة بین لفظ الباب والخوخة! ولا نعلم استثنی النبی صلی الله علیه وآله وسلم باب أبی بکر أم خوخته!؟

2 - هذا التردد أوقع شراح صحیح البخاری ومن تعرّض للقصة بحَیرة کبیرة دون التمکن من الوصول إلی حقیقة الأمر، فقد ذهب البعض إلی أن الباب هو مجازی لا حقیقی(1).

بینما جزم البعض الآخر بعدم وجود الباب، لا الحقیقی، ولا المجازی، وإنما الصحیح هو الخوخة(2).


1- فتح الباری فی شرح صحیح البخاری لابن حجر: ج7، ص18.
2- شد الأثواب فی سد الأبواب للسیوطی: ص57.

ص: 113

3 - إن تغایر الألفاظ فی القصة بین الباب والخوخة یدل علی التعارض فی نفس الحادثة ولذلک نجد أن الجمیع قد لزم الصمت، کما لم یتمکن أی منهم من الوصول إلی الجمع بینهما، فی حین أن الجمع بین هذه الألفاظ کان أولی من إقحام باب أبی بکر أو خوخته فی حادثة باب الإمام علی علیه السلام.

4 - أن هذا الحدیث مخالف لأحکام الشریعة المقدسة! وقد فتح بابا من الخلاف بین علماء أهل العامة حول: جواز فتح الخوخات والشبابیک والأبواب إلی المسجد، فمنهم من قال: بالاستحسان حیث لا ضرر، ومنهم من قال: بالقیاس علی سائر المساجد، ومنهم من قال: الأمر منوط بالإمام، ومنهم من قال: الحدیث الوارد فی ذلک مخصوص بزمنه صلی الله علیه وآله وسلم(1).

بینما التزم البعض الآخر بالحرمة؟ لأن فیه تعدیا علی الشریعة التی منعت التصرف بالوقف وتغیر معالمه.

وکان من بین هؤلاء: خاتمة الحفاظ السیوطی الذی أبدی ألمه وشکواه من هذا التعدی علی حدود الشریعة، فیقول:

)أعلم أن أکثر مفتی عصرنا أفتوا بجواز فتح الباب، والکوة والشباک من دار بنیت ملاصقة للمسجد، وکان ذلک منهم استرواحا، وعدم وقوف علی مجموع الأحادیث الواردة فی ذلک، ثم روجع کل منهم فی مستنده فیما أفتی به، فأبدوا شبها کلها مردودة.

ولولا جناب النبی صلی الله علیه وآله وسلم، وعظمته الراسخة فی القلب لم


1- شد الأثواب فی سد الأبواب للسیوطی: ص22.

ص: 114

أتکلم بشیء من ذلک، وکنت إلی السکوت أمیل، لکن لا أدری السکوت یسعنی ذلک)(1).

5 - أورد الحافظ السبکی رحمه الله إشکالاً علی حدیث الأمر بسد الأبواب إلا باب أبی بکر وهو:

(أن هذه الأبواب - یعنی التی أمر بسدّها - إن کانت من أصل الوقف التی وضع المسجد علیها لزم علیه جواز التغییر معالم الوقف وخروجه من الهیئة التی وضع علیها أولا.

وإن کانت محدّثة لزم علیه جواز فتح باب فی جدار المسجد، وکوة یدخل منها الضوء، وغیر ذلک مما تقتضیه مصلحة، حتی یجوز لآحاد الرعیة أن یفتح من داره المجاورة للمسجد بابا إلی المسجد فی حائط المسجد، وقد تقدم أنه ممنوع.

ویحتمل أن یقال: یجوز ذلک للواقف دون غیره لأنه صلی الله علیه وآله وسلم هو الذی وقف المسجد وفیه إشکال من جهة انتقال الوقف وزواله عن ملکه إلی الله عز وجل).

وقد حاول الحافظ السیوطی ردّ هذا الإشکال وإسقاطه بقوله:

(الإشکال ساقط، فإن الفتح أولا کان بأمر من الله ووحی فکان جائزا ثم نسخ الله عز وجل ذلک وأمر بالسدّ بوحی أیضا کما تقدم بالأحادیث، فهو من قبیل الناسخ والمنسوخ من الأحکام الشرعیة، فلا إشکال)(2).


1- شد الأثواب فی سد الأبواب للسیوطی، الفصل الخامس: ص 21.
2- أحکام المساجد لابن العماد، وعنه الحافظ السیوطی فی شد الأثواب: ص46 - 473.

ص: 115

ونقول:

بل الإشکال قائم، مع إضافة ما یدل علی بطلان حدیث «إلا باب أبی بکر»!

وذلک: من خلال قاعدة الإلزام التی جاء بها القرآن وبینّها الإمام الصادق علیه السلام قائلا:

«ألزموهم بما ألزموا أنفسهم»(1).

فقول الحافظ السیوطی: «إن الفتح أولا کان بأمر من الله ووحی فکان جائزا»، ونحن نسأل: متی کان؟ ألیس عندما بنی النبی صلی الله علیه وآله وسلم المسجد فشرعوا لهم أبوابا إلی المسجد.

ثم: «نسخ الله تعالی ذلک وأمر بالسد بوحی أیضا» فأمرهم الله بسد أبوابهم واستثنی باب علی علیه السلام قبل معرکة أحد کما یدل علیه بکاء حمزة بن عبد المطلب عندما أمره النبی صلی الله علیه وآله وسلم بسد بابه أیضا(2).

وعلیه: متی أجاز لهم النبی صلی الله علیه وآله وسلم بفتح الأبواب والخوخات بعد هذا الأمر فنحن أمام ثلاثة أمور:

إما: أنهم لم یمتثلوا لأمر الله عز وجل فترکوا هذه الخوخات مفتوحة ولم یسدوها، وهذا غیر ممکن.

وإما: أن الحکم نسخ مرة ثالثة فأعاد لهم جواز الفتح، وهذا لم یقل به أحد، بل إنه لم یحدث فی الشریعة أن أمرا «أجیز، ثم منع، ثم أجیز».


1- وسائل الشیعة العاملی: ج26، ص319، باب: (إن من اعتقد شیئا لزمه حکمه) برقم 33078.
2- وفاء الوفاء للسمهودی:  ج2، ص222.

ص: 116

وإما: أن هذا الحدیث: «لا یبقین باب فی المسجد إلا سد، إلا باب أبی بکر» لا أساس له سوی ید المتزلفة للحکام.

6 - أما ما حمله الحدیث من انتهاک لحدود الله، بتعرضه لمقام سید الأنبیاء صلی الله علیه وآله وسلم فهو: ما جاءت به مقدمة الحدیث من ألفاظ تکشف عن زیف الحدیث مع ما به من تعدٍ صارخ علی مقام رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

فقد جاءت مقدمة الحدیث بلفظ: «إن أمَنّ الناس علیّ فی صحبته وماله أبو بکر»!؟ فأی مسلم یؤمن بالله والیوم الآخر، ویؤمن بنبوة المصطفی صلی الله علیه وآله وسلم، یرضی أن یکون لأبی بکر منّة علی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لأنه صحب النبی صلی الله علیه وآله وسلم.

والذی یؤسف له أن یأتی بعض شراح البخاری فیؤکد والعیاذ بالله هذا المعنی فیقول:

«لو کان یتوجه لأحد الامتنان علی نبی الله صلی الله علیه وآله وسلم لتوجه له - أی لأبی بکر -»(1)

فأی تعرض لحرمة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، وأی انتهاک لحدود الله عندما جعلوا لأبی بکر مقاما أرفع والعیاذ بالله من مقام رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم؟! لأن المنة لا تکون إلا من علو مقام صحابها.

ولهذه العلة حصرها القرآن بالأنبیاء لأنهم الأرفع مقاما، والأکرم علی الله


1- فتح الباری بشرح صحیح البخاری: ج 7، ص 15، ط دار الکتب العلمیة.

ص: 117

قال تعالی مخاطبا عبده سلیمان علیه السلام:

((هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِکْ بِغَیْرِ حِسَابٍ))(1).

وعلیه: کیف «یتوجه الامتنان لأبی بکر علی نبی الله صلی الله علیه وآله وسلم»!؟ کما یقول الداودی، والنبی الأکرم هو أشرف ما خلق الله عز وجل!

وهل خرج أبو بکر من ذلّ الکفر، وحضیض الشرک، إلاّ ببرکة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، وإن کان الحافظ السیوطی یبدی ألمه لما أفتاه الکثیر من المسلمین فی التعدی علی الشریعة ولولا جناب النبی صلی الله علیه وآله وسلم وعظمته الراسخة فی القلب لم یتکلم بشیء من ذلک وکان إلی السکوت أمیل؛ فإننا نقول: حسب القائل بهذا التعدی علی حضرة سید الأنبیاء صلی الله علیه وآله وسلم؛ وحسب الذین اعتمدوا الاستقلاب فی النص النبوی والتاریخی هو التعدی علی الله ورسوله صلی الله علیه وآله وسلم، فبدلوا شریعته وغیروا سنته؛ فحسبهم قول الله تعالی:

((إِنَّ الَّذِینَ یُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِی الدُّنْیَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِینًا))(2).

تم بحمد الله وعونه فی ذکری یوم ولادة الإمام محمد بن علی الجواد علیهما السلام، والواقع فی یوم الاثنین العاشر من شهر رجب الأصب لعام 1433ه_، الموافق 20/5/2013م.


1- سورة ص، الآیة: 39.
2- سورة الأحزاب، الآیة: 57.

ص: 118

حیث کان البدء فی هذا البحث فی مکتبة الأسد الوطنیة بدمشق الشام ومن جوار عقیلة بنی هاشم السیدة زینب لمقامها الفدی والسلام؛ وأتم البحث فی مکتبة العتبة الحسینیة المقدسة حیث ضریح أخیها سید الشهداء الإمام الحسین بن علی علیهما السلام.

((...وَمَا تَوْفِیقِی إِلاّ بِاللَّهِ عَلَیْهِ تَوَکَّلْتُ وَإِلَیْهِ أُنِیبُ))(1).

((وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ))(2).

السید نبیل بن السید قدوری بن السید حسن بن السید علوان بن السید جاسم قدوری حسن علوان الحسنی


1- سورة هود، الآیة: 88.
2- سورة الصافات، الآیة: 182.

ص: 119

المصادر

1. القرآن الکریم.

2. أبو طالب علیه السلام ثالث من أسلم / تألیف: السید نبیل الحسنی / الطبعة الأولی / نشر: قسم الشؤون الفکریة والثقافیة فی العتبة الحسینیة المقدسة / طبع: مؤسسة الأعلمی لسنة 1433ه_، 2012م / کربلاء المقدسة - إیران.

3. الاحتجاج / تألیف: الشیخ أبو منصور أحمد بن علی الطبرسی (ت 548ه_) / تعلیق: السید محمد باقر الخرسان / طبع: مطبعة النعمان لسنة 1386ه_، 1966م / النجف الأشرف / العراق.

4. الأخبار الموفقیات / تألیف: أبی عبد الله الزبیر بن بکار القرشی (ت 256ه_) / تحقیق: الدکتور سامی مکی العانی / طبع: عالم الکتب لسنة 1416ه_، 1996م / الطبعة الثانیة / بیروت - لبنان.

5. الإرشاد / تألیف: الشیخ المفید محمد بن محمد بن النعمان (ت 413ه_) / تحقیق: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لتحقیق التراث / طبع: دار المفید للطباعة والنشر والتوزیع لسنة 1414ه_، 1993م / الطبعة الثانیة / بیروت - لبنان.

ص: 120

6. أصول الفقه / تألیف: الشیخ محمد رضا المظفر (ت 1383ه_) / نشر وطبع: مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین بقم المقدسة / قم المقدسة - إیران.

7. الأعلام / تألیف: خیر الدین بن محمود بن محمد بن علی بن فارس الزرکلی الدمشقی (ت 1396ه_) / طبع: دار العلم للملایین لسنة 1400ه_، 1980م / الطبعة الخامسة / بیروت - لبنان.

8. أعلام الوری بأعلام الهدی / تألیف: الشیخ أبی علی الفضل بن الحسن الطبرسی / تحقیق: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث / طبع: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث لسنة 1417ه_، 1996م / الطبعة الأولی / قم المقدسة - إیران.

9. الأغانی / تألیف: أبو الفرج علی بن الحسین القرشی الأصبهانی (ت 356ه_) / تحقیق: علی مهنا، سمیر جابر / طبع ونشر: دار إحیاء التراث العربی.

10. الأمالی / تألیف: الشیخ أبو جعفر محمد بن علی الصدوق (ت 381ه_) / تحقیق: قسم الدراسات الإسلامیة / طبع: مرکز الطباعة والنشر فی مؤسسة البعثة لسنة 1417ه_، 1996م / الطبعة الأولی / قم المقدسة - إیران.

11. أنساب الأشراف / تألیف: أحمد بن یحیی بن جابر البلاذری (ت 279ه_) / تحقیق: د. محمد حمید الله / نشر: معهد المخطوطات بجامعة الدول العربیة بالاشتراک مع دار المعارف بمصر / طبع: مطابع دار العارف بمصر لسنة 1959م / القاهرة - مصر.

12. باب فاطمة بین سلطة الشریعة وشریعة السلطة / تألیف: السید نبیل الحسنی / نشر: شعبة الدراسات والبحوث الإسلامیة فی العتبة الحسینیة المقدسة / طبع: مؤسسة الأعلمی للمطبوعات لسنة 1435ه_، 2014م / الطبعة الأولی / کربلاء المقدسة - العراق.

13. بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار علیهم السلام / تألیف: الشیخ

ص: 121

محمد باقر المجلسی (ت 1111ه_) / طبع: مؤسسة الوفاء لسنة 1403ه_، 1983م / الطبعة الثانیة المصححة / بیروت - لبنان.

14. البحر الزخار المعروف بمسند البزار / تألیف: الحافظ أحمد بن عمرو بن عبد الخالق السبکی البزاز (ت 292ه_) / طبع: مکتبة العلوم والحکم لسنة 1413ه_، 1993م / المدینة المنورة - المملکة العربیة السعودیة.

15. بحر الفوائد، المشهور ب_(معانی الأخبار) / تألیف: أبو بکر محمد بن أبی إسحاق بن إبراهیم بن یعقوب الکلاباذی البخاری الحنفی (ت 380ه_) / تحقیق: محمد حسن محمد حسن إسماعیل، وأحمد فرید المزیدی / نشر وطبع: دار الکتب العلمیة لسنة 1420ه_، 1999م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

16. تاریخ الأدب العربی / تألیف: کارل بروکلمان / ترجمة: د. عبد الحلیم النجار / نشر وطبع: دار المعارف لسنة 1423ه_، 2004م / الطبعة الأولی / دمشق - سوریا.

17. تاریخ الإسلام ووفیات المشاهیر والأعلام / تألیف: الحافظ المؤرخ، شمس الدین الذهبی محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748ه_) / تحقیق: د. عمر عبد السلام تدمری / طبع ونشر: دار الکتاب العربی لسنة 1407ه_، 1987م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

18. تاریخ التراث العربی - علوم القرآن والحدیث / تألیف: فؤاد سزکین / تحقیق: الدکتور محمود فهمی حجازی / طبع: مکتبة آیة الله المرعشی النجفی لسنة 1412ه_، 1992م / الطبعة الثانیة / قم المقدسة - إیران.

19. تاریخ الطبری - تاریخ الأمم والملوک / تألیف: أبو جعفر محمد بن جریر الطبری (ت 310ه_) / مراجعة وتصحیح وضبط: نخبة من العلماء الأجلاء / طبع ونشر: مؤسسة الأعلمی للمطبوعات لسنة 1403ه_، 1983م / الطبعة الرابعة / بیروت - لبنان.

20. تاریخ بغداد وذیوله / تألیف: أبو بکر أحمد بن علی بن ثابت بن أحمد بن مهدی

ص: 122

الخطیب البغدادی (ت 463ه_) / دراسة وتحقیق: مصطفی عبد القادر عطا / طبع ونشر: دار الکتب العلمیة لسنة 1417ه_، 1997م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

21. تاریخ مدینة دمشق / تألیف: أبو القاسم علی بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساکر (ت 571ه_) / تحقیق: علی شیری / طبع ونشر: دار الفکر للطباعة والنشر والتوزیع لسنة 1415ه_، 1995م / بیروت - لبنان.

22. التبیان فی تفسیر القرآن / تألیف: أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسی (ت 460ه_) / طبع: مکتب الإعلام الإسلامی لسنة 1409ه_، 1989م / الطبعة الأولی / قم المقدسة - إیران.

23. تدریب الراوی فی شرح تقریب النواوی / تألیف: الحافظ جلال الدین السیوطی (ت 911ه_) / تحقیق: ابو قتیبة نظر محمد الفاریابی / نشر وطبع: دار الکوثر لسنة 1418ه_، 1998م / الطبعة الرابعة / الریاض - المملکة العربیة السعودیة.

24. تذکرة الحفاظ / تصنیف: أبو عبد الله، شمس الدین أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قایماز الذهبی (ت 748ه_) / طبع: دار إحیاء التراث العربی / بیروت - لبنان.

25. تذکرة الخواص / تألیف: العلامة سبط ابن الجوزی (ت 597ه_) / طبع: دار العلوم لسنة 1425ه_، 2005م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

26. التعدیل والتجریح / تألیف: سلیمان بن خلف بن سعد، ابن أیوب الباجی المالکی (ت 474ه_) / تحقیق: الأستاذ أحمد البزار / طبع: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامیة / مراکش - المغرب.

27. تفسیر أبی السعود (إرشاد العقل السلیم إلی مزایا الکتاب الکریم) / تألیف: قاضی القحطان أبی السعود العمادی محمد بن محمد بن مصطفی (ت 951ه_) / طبع: دار إحیاء التراث العربی / بیروت - لبنان.

28. تفسیر الرازی / تألیف: أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسین

ص: 123

التیمی الرازی الملقب بفخر الدین الرازی (ت 606ه_) / الطبعة الثالثة.

29. تفسیر مقاتل بن سلیمان / تألیف: أبو الحسن مقاتل بن سلیمان بن بشیر الأزدی بالولاء البلخی (ت 150ه_) / تحقیق: أحمد فرید / نشر وطبع: دار الکتب العلمیة لسنة 1414ه_، 2003م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

30. تقریب التهذیب / تألیف: أحمد بن علی، ابن حجر العسقلانی الشافعی (ت 852ه_) / دراسة وتحقیق: مصطفی عبد القادر عطا / الطبعة الثانیة / نشر وطبع: دار الکتب العلمیة لسنة 1415ه_، 1995م / بیروت - لبنان.

31. تقیید العلم / تألیف: أحمد بن علی بن ثابت الخطیب البغدادی، أبو بکر (ت 463ه_) / تحقیق: یوسف العش / طبع: دار إحیاء السنة النبویة لسنة 1394ه_، 1974م / الطبعة الثانیة / القاهرة - مصر.

32. تکسیر الأصنام بین تصریح النبی صلی الله علیه وآله وسلم وتعتیم البخاری / تألیف: السید نبیل قدوری الحسنی / نشر: شعبة الدراسات والبحوث الإسلامیة فی العتبة الحسینیة المقدسة / طبع: مؤسسة الأعلمی للمطبوعات لسنة 1433ه_، 20012م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

33. تهذیب التهذیب / تألیف: شهاب الدین أحمد بن علی الحافظ ابن حجر العسقلانی (ت 852ه_) / طبع ونشر: دار الفکر للطباعة والنشر والتوزیع لسنة 1404ه_، 1984م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

34. تهذیب الکمال فی أسماء الرجال / تألیف: الحافظ المتقن جمال أبو الحجاج یوسف المزی (ت 742ه_) / ضبط وتحقیق وتعلیق: د. بشار عواد معروف / طبع ونشر: مؤسسة الرسالة لسنة 1406ه_، 1985م / الطبعة الرابعة / بیروت - لبنان.

35. جامع بیان العلم وفضله / تألیف: یوسف بن عبد الله بن عبد البر القرطبی (ت 463ه_) / نشر وطبع: دار الکتب العلمیة لسنة 1398ه_، 1978م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

ص: 124

36. الجرح والتعدیل / تألیف: عبد الرحمن بن أبی حاتم محمد بن إدریس أبو محمد الرزای التمیمی (ت 327ه_) / نشر: دار إحیاء التراث العربی / طبع: مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانیة لسنة 1371ه_، 1952م / حیدر آباد الدکن - الهند.

37. الحاوی / تألیف: الفتاوی جلال الدین عبد الرحمن بن أبی بکر بن محمد السیوطی (ت 911ه_) / طبع: المکتبة العسریة لسنة 1411ه_، 1991م / صیدا - لبنان.

38. خصائص أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب - علیه السلام - / تألیف: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعیب النسائی (ت 303ه_) / طبع: تحقیق وتصحیح الأسانید ووضع الفهارس: محمد هادی الأمینی / طبع ونشر: مکتبة نینوی الحدیثة.

39. الخلاف / تألیف: شیخ الطائفة محمد بن الحسن بن علی الطوسی (ت 460ه_) / تحقیق: جماعة من المحققین / نشر: مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین / سنة الطبع: 1407ه_، 1986م / قم المقدسة - إیران.

40. الدر المنثور فی التأویل بالمأثور / تألیف: عبد الرحمن بن أبی بکر، جلال الدین السیوطی (ت 911ه_) / طبع: دار المعرفة لسنة 1423ه_، 2002م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

41. الدراسات الإسلامیة / تألیف: جولد تسیهر (Goldziher, Muh. Stud. .) / ترجمة وتحقیق: خیری قدری، وشیخة العطیة / نشر وطبع: مرکز الحضارة العربیة للإعلام والنشر والدراسات لسنة 1429ه_، 2008م / الطبعة الأولی.

42. رحمة الأمة فی اختلاف الأئمة / تألیف: محمد بن عبد الرحمن الدمشقی العثمانی الشافعی / نشر وطبع: دار الکتب العلمیة لسنة 1416ه_، 1996م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

43. رسائل الشریف المرتضی / تألیف: الشیخ المرتضی (ت 436ه_) / تقدیم: السید أحمد الحسینی / إعداد: السید مهدی الرجائی / نشر: دار القرآن الکریم /

ص: 125

طبع: مطبعة سید الشهداء علیه السلام لسنة 1405ه_، 1985م / قم المقدسة - إیران.

44. الروضة البهیة فی شرح اللمعة الدمشقیة / تألیف: الشهید الثانی (ت 965ه_) / تحقیق: السید محمد کلانتر / طبع ونشر: منشورات جامعة النجف الدینیة لسنة 1398ه_، 1978م / الطبعة الأولی والثانیة / قم المقدسة - إیران.

45. سنن الترمذی / تألیف: محمد بن عیسی أبو عیسی الترمذی أسلمی (ت 279ه_) / تحقیق وتصحیح: عبد الوهاب عبد اللطیف / طبع: دار الفکر للطباعة والنشر والتوزیع / سنة الطبع: 1403ه_، 1983م / الطبعة الثانیة / بیروت - لبنان.

46. السنن الکبری / تألیف: البیهقی الحافظ أبی بکر أحمد بن الحسین بن علی (ت 458ه_) / طبع: دار الفکر / بیروت - لبنان.

47. السنن الکبری / تألیف: النسائی أحمد بن شعیب أبو عبد الرحمن (ت 303ه_) / تحقیق: د. عبد الغفور سلیمان بنداری، سید کسروی حسن / طبع: دار الکتب العلمیة لسنة 1411ه_، 1991م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

48. سؤالات البرقانی / تألیف: علی بن عمر أبو الحسن الدار قطنی البغدادی / تحقیق: د. عبد الرحیم محمد أحمد القشقری / الطبعة الأولی لسنة 1404ه_.

49. سیر أعلام النبلاء / تألیف: الذهبی محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748ه_) / إشراف وتخریج: شعیب الأرناؤوط / تحقیق: حسین الأسد / طبع ونشر: مؤسسة الرسالة لسنة 1413ه_، 1993م / الطبعة التاسعة / بیروت - لبنان.

50. شد الأثواب فی سد الأبواب / تألیف: جلال الدین، أبو الفضل عبد الرحمن بن أبی بکر بن محمد الخضیری السیوطی (ت 911ه_) / نشر وطبع: مکتبة المسجد النبوی / المدینة المنورة - المملکة العربیة السعودیة.

51. شرح إحقاق الحق / تألیف: السیّد شهاب الدین بن السیّد شمس الدین المرعشی النجفی (ت 14011ه_) / تحقیق وتعلیق: السید شهاب الدین المرعشی النجفی /

ص: 126

تصحیح: السید إبراهیم المیانجی / طبع ونشر: منشورات مکتبة آیة الله العظمی المرعشی النجفی / قم المقدسة - إیران.

52. شرح المواهب اللدنیة للقسطلانی / تألیف: أبو عبد الله محمد بن عبد الباقی بن یوسف بن أحمد الزرقانی المالکی (ت 1367ه_) / طبع: دار الکتب العلمیة لسنة 1417ه_، 1996م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

53. شرح مشکل الآثار / تألیف: عبد الملک بن سلمة الأزدی الحجری المصری المعروف بالطحاوی (ت 321ه_) / تحقیق: شعیب الأرنؤوط / نشر وطبع: مؤسسة الرسالة لسنة 1415ه_، 1994م / الطبعة الأولی.

54. شرح نهج البلاغة / تألیف: ابن أبی الحدید المعتزلی (ت 655ه_) / تحقیق: محمد أبو الفضل إبراهیم / طبع: دار إحیاء الکتب العربیة لسنة 1378ه_، 1959م / الطبعة الأولی / بغداد - العراق.

55. الشیعة والسیرة النبویة بین التدوین والاضطهاد / تألیف: السید نبیل الحسنی / طبع: قسم الشؤون الفکریة - العتبة الحسینیة المقدسة لسنة 1430ه_، 2010م / الطبعة الأولی / کربلاء المقدسة - إیران.

56. صحیح البخاری / تألیف: محمد بن إسماعیل البخاری (ت 256ه_) / طبع ونشر: دار الفکر لسنة 1401ه_، 1981م / طبعة أوفسیت / بیروت - لبنان.

57. صحیح مسلم / تألیف: مسلم النیسابوری (ت 261ه_) / طبع: دار الفکر / بیروت - لبنان.

58. الصراط المستقیم إلی مستحقی التقدیم / تألیف: المتکلم الشیخ زین الدین أبی محمد علی بن یونس العاملی النباطی البیاضی / تصحیح وتعلیق: محمد الباقر البهبودی / طبع: المکتبة المرتضویة لإحیاء الآثار الجعفریة لسنة 1384ه_، 1964م / الطبعة الأولی / قم المقدسة - إیران.

59. الطبقات الکبری / تألیف: أبو عبد الله محمد بن سعد بن منیع المعروف بابن سعد (ت 230ه_) / طبع: دار صادر لسنة 1376ه_، 1956م / الطبعة الأولی /

ص: 127

بیروت - لبنان.

60. الطرائف فی معرفة مذاهب الطوائف / تألیف: السید ابن طاووس (ت 664ه_) / طبع: مؤسسة الخیام لسنة 1399ه_، 1978ه_ / الطبعة الأولی / قم المقدسة - إیران.

61. عارضة الأحوذی بشرح صحیح الترمذی / تألیف: أبو بکر بن العربی المالکی / طبع ونشر: دار الکتب العلمیة من الطبعة المصریة القدیمة / القاهرة - مصر.

62. علل الشرائع / تألیف: أبو جعفر حمد بن علی الصدوق رحمه الله (ت 381ه_) / تقدیم: السید محمد الصادق بحر العلوم / طبع ونشر: منشورات المکتبة الحیدریة ومطبعتها لسنة 1385ه_، 1966م / بیروت - لبنان.

63. عمدة القاری فی شرح صحیح البخاری / تألیف: أبو محمد محمود بن أحمد بن موسی بن أحمد بدر الدین العینی الحنفی (ت 855ه_) / طبع: دار إحیاء التراث العربی لسنة 1424ه_، 2004م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

64. عمدة عیون صحاح الأخبار فی مناقب إمام الأبرار / تألیف: الحافظ ابن البطریق، شمس الدین یحیی بن الحسن بن الحسین الأسدی الربعی الحلی (ت 600ه_) / طبع: مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین لسنة 1407ه_، 1986م / الطبعة الأولی / قم المقدسة - إیران.

65. عون المعبود / تألیف: محمد شمس الحق العظیم آبادی (ت 1329ه_) / طبع: الکتب العلمیة لسنة 1415ه_، 1995م / الطبعة الثانیة / بیروت - لبنان.

66. عیون أخبار الرضا علیه السلام / تألیف: الشیخ الأکبر أبی جعفر الصدوق (ت 381ه_) / تصحیح وتعلیق وتقدیم: الشیخ حسین الأعلمی / طبع ونشر: مؤسسة الأعلمی للمطبوعات لسنة 1404ه_، 1984م / بیروت - لبنان.

67. الغدیر / تألیف: الشیخ العلامة الأمینی (ت 1392ه_) / طبع: دار الکتاب العربی لسنة 1397ه_، 1977م / الطبعة الرابعة / بیروت - لبنان.

68. غریب الحدیث / تألیف: ابن سلام (ت 224ه_) / تحقیق: محمد عبد المعید خان

ص: 128

/ نشر: دار الکتاب العربی / طبع: مجلس دائرة المعارف العثمانیة لسنة 1384ه_، 1964م / الطبعة الأولی / حیدر آباد الدکن - الهند.

69. فتح الباری فی شرح صحیح البخاری / تألیف: أحمد بن علی، ابن حجر العسقلانی الشافعی (ت 852ه_) / طبع ونشر: دار الکتب العلمیة / بیروت - لبنان.

70. الفصول المهمة فی معرفة الأئمة / تألیف: علی بن محمد بن أحمد المالکی المکی الشهیر بابن الصباغ (ت 855ه_) / تحقیق: سامی الغریری / طبع: دار الحدیث للطباعة والنشر لسنة 1422ه_، 2001م / الطبعة الأولی / قم المقدسة - إیران.

71. فضائل أهل البیت بین تحریف المدونین وتناقض مناهج المحدثین / تألیف: الشیخ وسام البلداوی / نشر: شعبة الدراسات والبحوث الإسلامیة فی العتبة الحسینیة المقدسة / طبع: مؤسسة الأعلمی للمطبوعات لسنة 1433ه_، 2012م / الطبعة الأولی / کربلاء المقدسة - العراق.

72. فقه العولمة / تألیف: السید محمد الحسینی الشیرازی (ت 1422ه_) / نشر: مؤسسة المجتبی للتحقیق والنشر / طبع: مؤسسة الفکر الإسلامی لسنة 1423ه_، 2002م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

73. قاموس الرجال / تألیف: الشیخ محمد تقی التستری / نشر وطبع: مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجامعة المدرسین بقم لسنة 1419ه_، 1989م / الطبعة الأولی / قم المقدسة - إیران.

74. القول المسدد فی مسند أحمد / تألیف: ابن حجر العسقلانی، أحمد بن علی (ت 853ه_) / طبع ونشر: عالم الکتب لسنة 1404ه_، 1984م / الطبعة الأولی.

75. الکافی / تألیف: الشیخ الکلینی (ت 329ه_) / تصحیح وتعلیق: علی أکبر الغفاری / طبع: مکتبة حیدری لسنة 1404ه_، 1984م / نشر: دار الکتب الإسلامی / الطبعة الخامسة / طهران - إیران.

76. کتاب الأربعین / تألیف: محمد طاهر القمی / تحقیق: السید مهدی الرجائی /

ص: 129

نشر وطبع: المحقق السید مهدی الرجائی لسنة 1418ه_، 1998م / الطبعة الأولی.

77. الکشاف عن حقائق التنزیل وعیون الأقاویل فی وجوه التأویل (تفسیر الکشاف) / تألیف: أبو القاسم جار الله محمود بن عمر بن محمد الزمخشری (ت 538ه_) / طبع ونشر: شرکة مکتبة ومطبعة مصطفی البابی الحلبی وأولاده لسنة 1385ه_، 1966م / مصر.

78. کشف الأستار عن زوائد البزار / تألیف: نور الدین علی بن أبی بکر سلیمان الهیثمی (ت 807ه_) / تحقیق: حبیب الرحمن الأعظمی / نشر وطبع: مؤسسة الرسالة لسنة 1399ه_، 1979م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

79. کشف الغمة فی معرفة الأئمة / تألیف: علی بن عیسی بن أبی الفتح الأربلی (ت 693ه_) / نشر وطبع: دار الأضواء لسنة 1405ه_، 1985م / الطبعة الثانیة / بیروت - لبنان.

80. الکشف والبیان عن تفسیر القرآن (تفسیر الثعلبی) / تألیف: أحمد بن محمد بن إبراهیم الثعلبی، أبو إسحاق (ت 427ه_) / تحقیق: ابی محمد بن عاشور / مراجعة وتدقیق: نظیر الساعدی / طبع: دار إحیاء التراث العربی لسنة 1422ه_، 2002م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

81. کفایة الطالب فی مناقب علی بن أبی طالب علیه السلام / تألیف: محمد بن یوسف الکنجی الشافعی / طبع ونشر: دار إحیاء تراث أهل البیت علیهم السلام لسنة 1404ه_، 1984م / الطبعة الثالثة / طهران - إیران.

82. الکفایة فی علم الروایة / تألیف: الخطیب البغدادی (ت 463ه_) / تحقیق: أحمد عمر هاشم / طبع ونشر: دار الکتاب العربی لسنة 1405ه_، 1985م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

83. کنز العمال فی سنن الأقوال والأفعال / تألیف: علاء الدین علی بن حسام الدین المتقی الهندی (ت 975ه_) / ضبط وتفسیر: الشیخ بکری حیانی / نشر:

ص: 130

مؤسسة الرسالة / سنة الطبع: 1409ه_، 1989م / بیروت - لبنان.

84. مجمع البحرین فی زوائد المعجمین الأوسط والصغیر / تألیف: البیهقی الحافظ أبی بکر أحمد بن الحسین بن علی (ت 458ه_) / تحقیق: محمد حسن إسماعیل / نشر وطبع: دار الکتب العلمیة لسنة 1418ه_، 1998م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

85. مجمع البیان فی تفسیر المیزان / تألیف: الشیخ الفضل بن الحسن الطبرسی (ت 548ه_) / تحقیق وتعلیق: لجنة من العلماء والمحققین المختصین / نشر وطبع: مؤسسة الأعلمی للمطبوعات لسنة 1415ه_، 1995م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

86. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد / تألیف: أبی الحسن نور الدین علی بن أبی بکر بن سلیمان الهیثمی (ت 807ه_) / طبع ونشر: دار الکتب العلمیة لسنة 1408ه_، 1988م / بیروت - لبنان.

87. المحکم فی أصول الفقه / تألیف: السید محمد سعید الحکیم / طبع: مطبعة جاوید لسنة 1414ه_، 1994م / نشر: مؤسسة المنار / الطبعة الأولی.

88. مختصر استدراک الحافظ الذهبی علی مستدرک أبی عبد الله الحاکم / تألیف: عمر بن علی ابن أحمد الأنصاری ابن الملقن سراج الدین أبو حفص / تحقیق: عبد الله بن حمد اللحیدان - سعد بن عبد الله بن عبد العزیز آل حمید / نشر وطبع: دار العاصمة.

89. مختصر فتح الباری شرح صحیح البخاری لابن حجر / تألیف: شرف الدین أبو الفتح محمد بن أبی بکر العسقلانی، ابن حجر / طبع ونشر: دار الحکمة / للطباعة والنشر والتوزیع لسنة 1990م.

90. مسالک الأفهام / تألیف: الشهید الثانی (ت 965ه_) / تحقیق: مؤسسة المعارف الإسلامیة / نشر: مؤسسة المعارف الإسلامیة / طبع: مطبعة بهمن لسنة 1413ه_، 1993م / قم المقدسة - إیران.

ص: 131

91. المستدرک علی الصحیحین / تألیف: ابو عبد الله محمد بن عبد الله الحاکم النیسابوری (ت 405ه_) / طبع: دار المعرفة / بیروت - لبنان.

92. مسند أبی یعلی الموصلی / تألیف: ابی یعلی أحمد بن علی بن المثنی التمیمی الموصلی (ت 307ه_) / تحقیق: حسین سلیم أسد / نشر وطبع: دار المأمون للتراث.

93. مسند أحمد بن حنبل / تألیف: أحمد بن حنبل أبو عبد الله الشیبانی (ت 241ه_) / طبع: دار صادر / بیروت - لبنان.

94. المصنف / تألیف: أبو بکر عبد الرزاق بن همام الصنعانی (ت 211ه_) / تحقیق: الشیخ حبیب الرحمن الأعظمی / طبع: المکتب الإسلامی للنشر والتوزیع لسنة 1403ه_، 1983م / الطبعة الثانیة / بیروت - لبنان.

95. المعجم الأوسط للطبرانی / تألیف: الحافظ أبو القاسم سلیمان بن أحمد بن أیوب الطبرانی (ت 360ه_) / تحقیق: قسم التحقیق بدار الحرمین / طبع: دار الحرمین للطباعة والنشر والتوزیع لسنة 1415ه_، 1995م / مکة المکرمة - المملکة العربیة السعودیة.

96. المعجم الکبیر للطبرانی / تألیف: سلیمان بن أحمد بن أیوب الطبرانی أبو القاسم (ت 360ه_) / طبع: دار إحیاء التراث العربی / القاهرة - مصر.

97. معجم المؤلفین / تألیف: عمر رضا کحالة / نشر: دار إحیاء التراث العربی / بیروت.

98. مفاتیح الغیب (المسمی التفسیر الکبیر) / تألیف: أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن التیمی الرازی الملقب فخر الدین بن حیاء الدین الرازی المشتهر بخطیب الری (ت 606ه_) / طبع: دار الفکر لسنة 1415ه_، 1995م / بیروت - لبنان.

99. مناقب آل أبی طالب / تألیف: ابن شهر آشوب المازندرانی / تصحیح وشرح ومقابلة: لجنة من أساتذة النجف الأشرف / طبع: المطبعة الحیدریة لسنة 1376ه_، 1956م / نشر: المکتبة الحیدریة / النجف الأشرف - العراق.

100. مناقب الإمام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام / تألیف: الحافظ

ص: 132

محمد بن سلیمان الکوفی القاضی / تحقیق: الشیخ محمد باقر المحمودی / نشر وطبع: مجمع إحیاء الثقافة الإسلامیة لسنة 1423ه_، 2004م / الطبعة الثانیة / قم المقدسة - إیران.

101. مناقب أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام / تألیف: الحافظ، ابن المغازلی الشافعی (ت 483ه_) / نشر: انتشارات سبط النبی صلی الله علیه وآله وسلم / طبع: مطبعة سبحان لسنة 1426ه_، 2005م / الطبعة الأولی.

102. مناقب علی بن أبی طالب علیه السلام وما نزل من القرآن فی علی علیه السلام / تألیف: أبی بکر أحمد بن موسی ابن مردویه الأصفهانی (ت 410ه_) / تجمیع وترتیب وتقدیم: عبد الرزاق محمد حسین حرز الدین / نشر وطبع: دار الحدیث لسنة 1424ه_، 2003م / الطبعة الثانیة / قم المقدسة - إیران.

103. منهاج السنة فی نقض کلام الشیعة القدریة / تألیف: محمد بن تیمیة الحرانی الحنبلی الدمشقی (ت 728ه_) / تحقیق: محمد رشاد سالم / نشر وطبع: جامعة محمد بن سعود الإسلامیة لسنة 1406ه_، 1986م / الطبعة الأولی.

104. منهاج الکرامة / تألیف: العلامة الحلی (ت 726ه_) / تحقیق: عبد الرحیم مبارک / نشر: انتشارات تاسوعاء / طبع: مطبعة الهادی لسنة 1431ه_، 2011م / الطبعة الأولی / مشهد المقدسة - إیران.

105. المیزان فی تفسیر القرآن / تألیف: السید محمد حسین الطباطبائی (ت 1402ه_) / طبع ونشر: مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین بقم / قم المقدسة - إیران.

106. النص والاجتهاد / تألیف: السید عبد الحسین شرف الدین (ت 1377ه_) / تحقیق وتعلیق: أبو مجتبی / نشر: دار أبو مجتبی / طبع: مطبعة سید الشهداء علیه السلام لسنة 1404ه_، 1984م / الطبعة الأولی / قم المقدسة - إیران.

107. وسائل الشیعة (الإسلامیة) / تألیف: الحر العاملی / تحقیق: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث / طبع: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء

ص: 133

التراث لسنة 1414ه_، 1993م / الطبعة الثانیة / قم المقدسة - إیران.

108. وفاء الوفا بأخبار دار المصطفی / تألیف: علی بن عبد الله بن أحمد الحسنی الشافعی، نور الدین أبو الحسن السمهودی (ت 911ه_) / نشر وطبع: دار الکتب العلمیة لسنة 1419ه_، 1999م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

109. وفیات الأعیان / تألیف: ابن خلکان (ت 681ه_) / تحقیق: إحسان عباس / نشر وطبع: دار الثقافة.

110. ینابیع المودة لذوی القربی / تألیف: الشیخ سلیمان بن إبراهیم القندوزی الحنفی / تحقیق: سید علی جمال أشرف الحسینی / طبع: دار الأسوة للطباعة والنشر لسنة 1416ه_، 1995م / الطبعة الأولی / بیروت - لبنان.

ص: 134

ص: 135

المحتویات

الإهداء. 5

مقدمة الکتاب... 7

المبحث الأول

تقعید مصطلح الاستقلاب

المسألة الأولی: صیغة الاستفعال فی القرآن الکریم ودلالته الالتزامیة للاستقلاب... 13

المسألة الثانیة: ورود صیغة الاستفعال فی الحدیث النبوی الشریف... 17

المسألة الثالثة: ورود صیغة الاستفعال فی أقوال الفقهاء. 20

ص: 136

المبحث الثانی

التأسیس لظاهرة الاستقلاب فی النص التاریخی منذ القرن الأول للهجرة

المسألة الأولی: ظاهرة الاستقلاب یعرضها القرآن ضمن السنن التاریخیة عند الأمم السابقة. 25

المسألة الثانیة: التأسیس لاستقلاب النص فی عهد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فکان مرحلة النمو لهذه الظاهرة  27

أولاً: بریدة الأسلمی یقع فی علی علیه السلام بطلب من خالد بن الولید فی محضر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فکان استقلاباً لواقع الحادثة  28

ثانیاً: استقلاب عمر بن الخطاب لحدیث رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وقوله: «إنه لیهجر» وإتباع بعض الصحابة له فقالوا: (القول ما قاله عمر)  29

المسألة الثالثة: بدء العمل فی ظاهرة الاستقلاب فی عهد أبی بکر وعمر. 33

أولاً: استقلاب أبی بکر للنص النبوی.. 35

ثانیاً: استقلاب عمر بن الخطاب للنص النبوی.. 36

ثالثاً: استقلاب عائشة لوصیة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فی علی صلوات الله وسلامه علیه. 41

المسألة الرابعة: اعتماد حکام بنی أمیة الاستقلاب کمنهج فی التعامل مع النص النبوی والتاریخی   44

أولاً: معاویة یطلب من الرواة استقلاب النص النبوی والتاریخی فی جمیع المدن الإسلامیة. 45

ثانیاً: تطور ظاهرة الاستقلاب فی حکم عبد الملک بن مروان.. 50

ثالثاً: دوران ابن شهاب الزهری بین طلب بنی أمیة فی قلب النص النبوی والتاریخی وبین ثباته فی النصوص الصحیحة  52

رابعاً: اعتماد ابن تیمیة الاستقلاب فی السنة النبویة. 62

خامساً: اعتماد بعض أئمة المذاهب الاستقلاب فی السنة النبویة. 63

ص: 137

المبحث الثالث

استقلاب النص فی حادثة سد الأبواب

المسألة الأولی: الأسباب التی دعت إلی سد الأبواب... 72

أولاً: کثرة الغرماء فی المسجد، فاتخذوه محلاً للنوم. 73

ثانیاً: لمنع أن یجنب فی المسجد واستثنی علیاً لأنه طاهر مطهر کرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.. 76

ثالثا: إن النبی صلی الله علیه وآله وسلم سأل الله أن یطهر مسجده له ولعلی وأولاده کما سأل موسی الکلیم وهارون ذلک      81

المسألة الثانیة: اعتراضات الصحابة علی أمر الله ورسوله صلی الله علیه وآله وسلم فی الحادثة. 83

المسألة الثالثة: استقلاب حدیث سد الأبواب... 97

أولاً: روایة أبی سعید الخدری المستقلبة فی حادثة سد الأبواب... 97

ثانیاً: روایة عکرمة عن ابن عباس المستقلبة فی حادثة سد الأبواب... 99

ثالثاً: محاولة ابن حجر تمریر استقلاب حدیث سد الأبواب... 101

رابعاً: الجمع بین حدیث سد الأبواب المخصوص بباب الإمام علی وباب أبی بکر لا یصح! 106

خامساً: البحث فی حدیث (لا یبقین فی المسجد باب إلا سد إلا باب أبی بکر) یدل علی أنه موضوع وکذب علی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم   112

المصادر. 119

ص: 138

ص: 139

إصدارات قسم الشؤون الفکریة والثقافیة فی العتبة الحسینیة المقدسة

تألیف

اسم الکتاب

ت

السید محمد مهدی الخرسان

السجود علی التربة الحسینیة

1

زیارة الإمام الحسین علیه السلام باللغة الانکلیزیة

2

زیارة الإمام الحسین علیه السلام باللغة الأردو

3

الشیخ علی الفتلاوی

النوران ___ الزهراء والحوراء علیهما السلام __ الطبعة الأولی

4

الشیخ علی الفتلاوی

هذه عقیدتی __ الطبعة الأولی

5

الشیخ علی الفتلاوی

الإمام الحسین علیه السلام فی وجدان الفرد العراقی

6

الشیخ وسام البلداوی

منقذ الإخوان من فتن وأخطار آخر الزمان

7

السید نبیل الحسنی

الجمال فی عاشوراء

8

الشیخ وسام البلداوی

ابکِ فإنک علی حق

9

الشیخ وسام البلداوی

المجاب بردّ السلام

10

السید نبیل الحسنی

ثقافة العیدیة

11

السید عبد الله شبر

الأخلاق (تحقیق: شعبة التحقیق) جزآن

12

الشیخ جمیل الربیعی

الزیارة تعهد والتزام ودعاء فی مشاهد المطهرین

13

لبیب السعدی

من هو؟

14

السید نبیل الحسنی

الیحموم، أهو من خیل رسول الله أم خیل جبرائیل؟

15

ص: 140

الشیخ علی الفتلاوی

المرأة فی حیاة الإمام الحسین علیه السلام

16

السید نبیل الحسنی

أبو طالب علیه السلام ثالث من أسلم

17

السید محمدحسین الطباطبائی

حیاة ما بعد الموت (مراجعة وتعلیق شعبة التحقیق)

18

السید یاسین الموسوی

الحیرة فی عصر الغیبة الصغری

19

السید یاسین الموسوی

الحیرة فی عصر الغیبة الکبری

20

الشیخ باقر شریف القرشی

حیاة الإمام الحسین بن علی (علیهما السلام) ___ ثلاثة أجزاء

21 __ 23

الشیخ وسام البلداوی

القول الحسن فی عدد زوجات الإمام الحسن علیه السلام

24

السید محمد علی الحلو

الولایتان التکوینیة والتشریعیة عند الشیعة وأهل السنة

25

الشیخ حسن الشمری

قبس من نور الإمام الحسین علیه السلام

26

السید نبیل الحسنی

حقیقة الأثر الغیبی فی التربة الحسینیة

27

السید نبیل الحسنی

موجز علم السیرة النبویة

28

الشیخ علی الفتلاوی

رسالة فی فن الإلقاء والحوار والمناظرة

29

علاء محمد جواد الأعسم

التعریف بمهنة الفهرسة والتصنیف وفق النظام العالمی (LC)

30

السید نبیل الحسنی

الأنثروبولوجیا الاجتماعیة الثقافیة لمجتمع الکوفة عند الإمام الحسین علیه السلام

31

السید نبیل الحسنی

الشیعة والسیرة النبویة بین التدوین والاضطهاد (دراسة)

32

الدکتور عبدالکاظم الیاسری

الخطاب الحسینی فی معرکة الطف ___ دراسة لغویة وتحلیل

33

الشیخ وسام البلداوی

رسالتان فی الإمام المهدی

34

الشیخ وسام البلداوی

السفارة فی الغیبة الکبری

35

السید نبیل الحسنی

حرکة التاریخ وسننه عند علی وفاطمة علیهما السلام (دراسة)

36

السید نبیل الحسنی

دعاء الإمام الحسین علیه السلام فی یوم عاشوراء __ بین النظریة العلمیة والأثر الغیبی (دراسة) من جزءین

37

الشیخ علی الفتلاوی

النوران الزهراء والحوراء علیهما السلام ___ الطبعة الثانیة

38

شعبة التحقیق

زهیر بن القین

39

السید محمد علی الحلو

تفسیر الإمام الحسین علیه السلام

40

الأستاذ عباس الشیبانی

منهل الظمآن فی أحکام تلاوة القرآن

41

السید عبد الرضا الشهرستانی

السجود علی التربة الحسینیة

42

ص: 141

السید علی القصیر

حیاة حبیب بن مظاهر الأسدی

43

الشیخ علی الکورانی العاملی

الإمام الکاظم سید بغداد وحامیها وشفیعها

44

جمع وتحقیق: باسم الساعدی

السقیفة وفدک، تصنیف: أبی بکر الجوهری

45

نظم وشرح:  حسین النصار

موسوعة الألوف فی نظم تاریخ الطفوف __ ثلاثة أجزاء

46

السید محمد علی الحلو

الظاهرة الحسینیة

47

السید عبد الکریم القزوینی

الوثائق الرسمیة لثورة الإمام الحسین علیه السلام

48

السید محمد علی الحلو

الأصول التمهیدیة فی المعارف المهدویة

49

الباحثة الاجتماعیة کفاح الحداد

نساء الطفوف

50

الشیخ محمد السند

الشعائر الحسینیة بین الأصالة والتجدید

51

السید نبیل الحسنی

خدیجة بنت خویلد أُمّة جُمعت فی امرأة – 4 مجلد

52

الشیخ علی الفتلاوی

السبط الشهید – البُعد العقائدی والأخلاقی فی خطب الإمام الحسین علیه السلام

53

السید عبد الستار الجابری

تاریخ الشیعة السیاسی

54

السید مصطفی الخاتمی

إذا شئت النجاة فزر حسیناً

55

عبد السادة محمد حداد

مقالات فی الإمام الحسین علیه السلام

56

الدکتور عدی علی الحجّار

الأسس المنهجیة فی تفسیر النص القرآنی

57

الشیخ وسام البلداوی

فضائل أهل البیت علیهم السلام بین تحریف المدونین وتناقض مناهج المحدثین

58

حسن المظفر

نصرة المظلوم

59

السید نبیل الحسنی

موجز السیرة النبویة – طبعة ثانیة، مزیدة ومنقحة

60

الشیخ وسام البلداوی

ابکِ فانک علی حق – طبعة ثانیة

61

السید نبیل الحسنی

أبو طالب ثالث من أسلم – طبعة ثانیة، منقحة

62

السید نبیل الحسنی

ثقافة العید والعیدیة – طبعة ثالثة

63

الشیخ یاسر الصالحی

نفحات الهدایة – مستبصرون ببرکة الإمام الحسین علیه السلام

64

السید نبیل الحسنی

تکسیر الأصنام – بین تصریح النبی صلی الله علیه و آله و سلم وتعتیم البخاری

65

الشیخ علی الفتلاوی

رسالة فی فن الإلقاء – طبعة ثانیة

66

محمد جواد مالک

شیعة العراق وبناء الوطن

67

ص: 142

حسین النصراوی

الملائکة فی التراث الإسلامی

68

السید عبد الوهاب الأسترآبادی

شرح الفصول النصیریة – تحقیق: شعبة التحقیق

69

الشیخ محمد التنکابنی

صلاة الجمعة– تحقیق: الشیخ محمد الباقری

70

د. علی کاظم المصلاوی

الطفیات – المقولة والإجراء النقدی

71

الشیخ محمد حسین الیوسفی

أسرار فضائل فاطمة الزهراء علیها السلام

72

السید نبیل الحسنی

الجمال فی عاشوراء – طبعة ثانیة

73

السید نبیل الحسنی

سبایا آل محمد صلی الله علیه وآله وسلم

74

السید نبیل الحسنی

الیحموم، -طبعة ثانیة، منقحة

75

السید نبیل الحسنی

المولود فی بیت الله الحرام: علی بن أبی طالب علیه السلام أم حکیم بن حزام؟

76

السید نبیل الحسنی

حقیقة الأثر الغیبی فی التربة الحسینیة – طبعة ثانیة

77

السید نبیل الحسنی

ما أخفاه الرواة من لیلة المبیت علی فراش النبی صلی الله علیه وآله وسلم

78

صباح عباس حسن الساعدی

علم الإمام بین الإطلاقیة والإشائیة علی ضوء الکتاب والسنة

79

الدکتور مهدی حسین التمیمی

الإمام الحسین بن علی علیهما السلام أنموذج الصبر وشارة الفداء

80

ظافر عبیس الجیاشی

شهید باخمری

81

الشیخ محمد البغدادی

العباس بن علی علیهما السلام

82

الشیخ علی الفتلاوی

خادم الإمام الحسین علیه السلام شریک الملائکة

83

الشیخ محمد البغدادی

مسلم بن عقیل علیه السلام

84

السید محمدحسین الطباطبائی

حیاة ما بعد الموت (مراجعة وتعلیق شعبة التحقیق) – الطبعة الثانیة

85

الشیخ وسام البلداوی

منقذ الإخوان من فتن وأخطار آخر الزمان – طبعة ثانیة

86

الشیخ وسام البلداوی

المجاب برد السلام – طبعة ثانیة

87

ابن قولویه

کامل الزیارات باللغة الانکلیزیة (Kamiluz Ziyaraat)

88

السید مصطفی القزوینی

Islam Inquiries About Shi‘a

89

السید مصطفی القزوینی

When Power and Piety Collide

90

السید مصطفی القزوینی

Discovering Islam

91

ص: 143

د. صباح عباس عنوز

دلالة الصورة الحسیة فی الشعر الحسینی

92

حاتم جاسم عزیز السعدی

القیم التربویة فی فکر الإمام الحسین علیه السلام

93

الشیخ حسن الشمری الحائری

قبس من نور الإمام الحسن علیه السلام

94

الشیخ وسام البلداوی

تیجان الولاء فی شرح بعض فقرات زیارة عاشوراء

95

الشیخ محمد شریف الشیروانی

الشهاب الثاقب فی مناقب علی بن أبی طالب علیهما السلام

96

الشیخ ماجد احمد العطیة

سید العبید جون بن حوی

97

الشیخ ماجد احمد العطیة

حدیث سد الأبواب إلا باب علی علیه السلام

98

الشیخ علی الفتلاوی

المرأة فی حیاة الإمام الحسین علیه السلام __ الطبعة الثانیة __

99

السید نبیل الحسنی

هذه فاطمة علیها السلام – ثمانیة أجزاء

100

السید نبیل الحسنی

وفاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وموضع قبره وروضته

101

تحقیق: مشتاق المظفر

الأربعون حدیثا فی الفضائل والمناقب- اسعد بن إبراهیم الحلی

102

تحقیق: مشتاق المظفر

الجعفریات -  جزآن

103

تحقیق: حامد رحمان الطائی

نوادر الأخبار – جزآن

104

تحقیق: محمد باسم مال الله

تنبیه الخواطر ونزهة النواظر – ثلاثة أجزاء

105

د. علی حسین یوسف

الإمام الحسین علیه السلام فی الشعر العراقی الحدیث

106

الشیخ علی الفتلاوی

This Is My Faith

107

حسین عبدالسید النصار

الشفاء فی نظم حدیث الکساء

108

حسن هادی مجید العوادی

قصائد الاستنهاض بالإمام الحجة عجل الله تعالی فرجه

109

السید علی الشهرستانی

آیة الوضوء وإشکالیة الدلالة

110

السید علی الشهرستانی

عارفاً بحقکم

111

السید الموسوی

شمس الإمامة وراء سحب الغیب

112

إعداد: صفوان جمال الدین

Ziyarat Imam Hussain

113

تحقیق: مشتاق المظفر

البشارة لطالب الاستخارة للشیخ احمد بن صالح الدرازی

114

تحقیق: مشتاق المظفر

النکت البدیعة فی تحقیق الشیعة للشیخ سلیمان البحرانی

115

تحقیق: مشتاق صالح المظفر

شرح حدیث حبنا أهل البیت یکفر الذنوب للشیخ علی بن عبد الله الستری البحرانی

116

ص: 144

تحقیق: مشتاق صالح المظفر

منهاج الحق والیقین فی تفضیل علی أمیر المؤمنین للسید ولی بن نعمة الله الحسینی الرضوی

117

تحقیق: أنمار معاد المظفر

قواعد المرام فی علم الکلام، تصنیف کمال الدین میثم بن علی بن میثم البحرانی

118

تحقیق: باسم محمد مال الله الأسدی

حیاة الأرواح ومشکاة المصباح للشیخ تقی الدین إبراهیم بن علی الکفعمی

119

السید نبیل الحسنی

باب فاطمة علیها السلام بین سلطة الشریعة وشریعة السلطة

120

السید علی الشهرستانی

تربة الحسین علیه السلام وتحولها إلی دم عبیط فی کربلاء

121

میثاق عباس الحلی

یتیم عاشوراء من أنصار کربلاء

122

علی حسان شویلیه

المختصر المسطور لکتاب شفاء الصدور فی شرح زیارة عاشور

123

د. حیدر محمود الجدیع

نثر الإمام الحسین علیه السلام

124

الشیخ میثاق عباس الخفاجی

قرة العین فی صلاة اللیل

125

أنطوان بارا

من المسیح العائد إلی الحسین الثائر

126

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.